للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فاحتضرت فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: ما لك يا عائشة؟ قلت: لا ش ئ فقال: لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ثم قال: "أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله" قلت: مهما يكتمه الناس يعلمه الله. قال: نعم، قال: فإن جبريل أتاني حتى رأيته فناداني فاخفاه منك فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك، وقد وضعت ثيابك وظننت أنك قد رقدت فكرهت أن أوقظك [٣٦٠ ب/٣] وخشيت أن تستوحشي فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم فقلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال قولي: "السلام على أهل الديار من المؤمنين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله للاحقون"، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - مر بقبور أهل المدينة فقال: "السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر" وروي في خبر آخر أنه قال: "أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم نسأل الله لنا ولكم العافية" وقوله: إن شاء الله بكم لاحقون ليس على معنى الاستثناء للشك والارتياب، ولكنه لتحسين الكلام كما يقول القائل: إن أحسنت إلى شكرتك إن شاء الله، وقيل: كان معه قوم يظن بهم النفاق فاستناده ينصرف إليهم، ومعناه: اللحوق بهم في الإيمان وقبل الاستثناء إنما وقع في استصحاب الإيمان إلى الموت لا في نفس الوقت.

فَرْعٌ آخرُ

قلت: يجوز له زيارة قبر الوالدين والأقارب وإن كانوا مشركين، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم [٣٦١ أ/٣] يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي"، وروي أنه زار قبر أمه فبكى من حوله فقال: "استأذنت ربي أن أستغفر لكم فلم يأذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي".

فَرْعٌ آخرُ

قلت: يستحب الثناء الحسن على الميت لما روى أنس بن مالك قال: مر بجنازة فأثنى عليها خيراً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وجبت وجبت وجبت". فقال عمر رضي الله عنه: قداك أبي وأمي ما معناه؟ فقال: "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض"، وقال أبو الأسود الدؤلي: قدمت المدينة فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال عمر: وجبت فقلت لعمر: ما وجبت؟ قال: أقول كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يشهد له ثلاثة إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>