يخرجها نوى الوالي، وأما وقت النية فالعبادات على أربعة أضرب، منها: ما لا يجوز تقديم النية عليه ومن شرطه، إن تقارن النية أوله كالصلاة والطهارة والحج والعمرة، ومنها: ما يجوز تقديمها على أوله ولا يجوز تأخيرها عن أوله وهو صيام الفرض، ومنها: ما يجوز تقديمها وتأخيرها عنه وهو صيام التطوع، ومنها: ما اختلف القول فيه وهو الكفارة والزكاة فقد قال في كتاب الأيمان: ولا تجزيه [٨٧ ب/٤] كفارة حتى يقدم قبلها النية أو معها ولا فرق فيها بين الكفارة والزكاة، فاختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: إن قدم النية عليها واستصحبها إلى وقت إخراجها يجوز، وإن غربت عنه لا يجوز وأراد الشافعي بما قال في الكفارة: أن ينوي قبلها ويستصحبها قال القاضي الطبري: وهذا أشبه بمذهب الشافعي في "الأم"، لأنه لا يتعذر عليه أن ينوي عند ابتدائها فيلزم، ومن أصحابنا من قال: يجوز فيهما كما نص عليه في الكفارة، لأنه يدخلهما النيابة فلو قلنا: لا يجوز تقديم النية لما جاز أن يوكل في إخراجهما لأنه إذا وكل كانت نيته متقدمة عليها، والاعتبار بنية الموكل دون الوكيل وهذا أصح عندي واختاره مشايخ خراسان، وكما يمكنه أن ينوي في ابتدائهما يمكنه أن لا يوكل في أدائهما حتى لا تقدم النية أو تعتبر نية الوكيل عند ابتدائهما، ومن أصحابنا من ذكر وجهًا: أنه يعتبر نية الوكيل عند الدفع لتقارن النية إخراج الزكاة ذكره القاضي الطبري وهو ضعيف عندي، فإن قيل في الحج: تدخل النيابة أيضًا ثم لا يجوز تقديم النية عليه، قلنا: هناك نية النائب شرط فلا يعرى أوله عن النية ونية الوكيل في الزكاة ليست بشرط وربما لا يعرف الوكيل [٨٨ أ/٤] أنها زكاة، ولا تصح منه النية بأن يكون كافرًا بخلاف الحج فدل على الفرق، ومن أصحابنا من ذكر وجهًا آخر: أنه لا يجوز أن يوكل كافرًا في أداء الزكاة ويجوز أن يوكل صبيًا لأنَّ نيته صحيحة، وفيه وجه آخر: أنه لا يجوز لأنه غير مكلف كالمجنون حكاه والدي رحمه الله وهو ضعيف.
وأما كيفية النية فهي: أن ينوي نية يتميز المخرج عن النافلة مثل أن ينوي أنه زكاة ماله أو فرض تعلق بماله فإنه نية الزكاة في الحقيقة نص عليه في "الأم"، ولو قال: هذه زكاتي مطلقًا قال أصحابنا: يجوز وذكر بعض أهل خراسان: أنه لا يجوز، والأول أصح، لأن هذه عبارة عن الفريضة، ولو قال: فرضي ظاهر ما نص عليه الشافعي أنه يجوز وليس على ظاهره بإجماع أصحابنا، ومعنى النص إذا قال: صدقة مالي فريضة ولو نوى بقلبه ولم يتلفظ بلسانه لا شك أنه يجوز ولو تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه قال في "الأم"(١): سواء نوى في نفسه أو تكلم بأن ما أعطى فرضي فأقام الكلام مقام النية كما أقام أخذ الإمام مقام النية وعلل في "الأم" فقال: وإنما منعني أن أجعل النية في الزكاة كنية الصلاة لافتراق الصلاة والزكاة في بعض حالهما إذ يجوز الزكاة قبل وقتها ويجوز أن يأخذها [٨٨ ب/٤] الوالي من غير طيب نفسه فتجزي عنه وهذا لا يجوز في