للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسعين ومائة فلا شئ فيه فإذا بلغ مائتين ففيه خمسة دراهم" (١)، وقال المعرفي: الاعتبار بمائتي درهم عداً لا وزناً حتى لو كانت معه مائة درهم وزنها مائتا درهم فلا زكاة وهذا جهل ببعض الأخبار والإجماع، فإذا تقرر هذا فجملة خمس أواق مائتا درهم بدراهم الإسلام وكل عشرة من دراهم الإسلام هي وزن سبعة مثاقيل ذهباً ويريد بدراهم الإسلام وزن مكة دون ما أحدثه الناس، وكذلك بريد بالمثاقيل وزن مكة دون غيرها من البلدان، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "الميزان ميزان مكة والمكيال مكيال المدينة" وقيل: إنما جعل كل عشرة دراهم بوزن سبعة مثاقيل من الذهب لأن الذهب هو أوزن من الورق فكأنهم جربوا خثة من الورق ومثلها من الذهب فوزنوهما فكان وزن الذهب زائداً على وزن الفضة بمثل ثلاثة أسباعها فكذلك [١٤٠ ب/٤] جعلوا كل عشرة دراهم بوزن سبعة مثاقيل.

قال أبو القاسم بن سلام في "كتاب الأموال": سمعت شيخاً من أهل المعرفة بهذا الشأن يعني بأصل الدراهم وسبب ضربها في الإسلام فقال: إنَّ الدراهم كانت على وجه الدهر نوعين هذه السوداء البعلية الوافية وهذه الطبرية الخفيفة أي: طبرية الشام فكانت الزكاة تجب في صدر الإسلام في مائتين منهما فلما كان في زمان بني أمية أرادوا ضرب الدراهم فنظروا في المتعقب وأنهم إن ضربوا من الوافية التي في كل درهم منها درهم ودانقان، أضر ذلك بالمساكين وإن ضربوا من هذه الطبرية الخفيفة أضر ذلك برب المال فحملوا زيادة هذه على نقصها من هذه، لأن المقصود سكته وعينه لا قدر الفضة منه، ولهذا جاز البيع بالدراهم الغطرفية ببخاري وسمرقند، ولم يختلف فيه العلماء أو نقول صارت بحملتها مقصودة مع الأخلاط بعد الضرب فضارت كالغالية والأودية المعجونة، وقال بعض أصحابنا: ينظر في المغشوش فإن كانت الفضة غير ممازجة للغش من النحاس بل الفضة على ظاهرها والنحاس في باطنها لا يجوز المعاملة بها لا معينة ولا في الذمة، لأن الفضة وإن شوهدت فالمقصود الأخر غير معلوم ولا مشاهد [١٤١ أ/٤] كما لا يجوز المعاملة بالفضة المطلية بالذهب، وإن كانت الفضة ممازجة للغش لم تجز المعاملة بها في الذمة للجهل وهل يجوز بالعين؟ وجهان، إحداهما: لا يجوز لجهل بالمقصود، والثاني: هو الأظهر أنه يجوز كما يجوز بيع الحنطة المختلطة بالشعير إذا شوهدت، وإن لم يجز السلم فيها، وإن كان الغش غير مقصود فإن كانا ممتزجين لا يجوز المعاملة بها لا معينة ولا في الذمة، لأن مقصودها مجهول بمخالطة ما ليس بمقصود، وإن كانا غير ممتزجين بل الفضة على ظاهرها والغش في باطنها كالزرنيخية يجوز المعاملة بها إذا كانت حاضرة لا معينة، لأن المقصود منها مشاهد ولا يجوز في الذمة للجهل ولو أتلفها رجل فإنه يلزمه رد قيمتها ذهباً وهذا كله ذكره في "الحاوي" (٢) ويحكي عن أبي حنيفة أنه قال: إن كان الأكثر فضة جازت المعاملة وإلا فلا يجوز، وأما لفظ "المختصر": قرئ لئلا يغريه أحداً


(١) أخرجه أبو داوود (١٥٧٣)، والترمذي (٦٢٠). (٢).
(٢) أنظر الحاوي للماوردي (٣/ ٢٦٠، ٢٦١)

<<  <  ج: ص:  >  >>