للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرئ لئلا يغريه أحد وقرئ لئلا يعذية أحد فاللفظة الأولى هي محمولة على مباشرة التغرير والتدليس. واللفظة الثانية محمولة على مباشرة وازنه التغرير بعده جاهلاً بأنها مغشوشة. واللفظة الثالثة هي أحج عند من لا يجوز به التصرف أًصلاً، لأن من يعلم أنه مغشوش لا ينهي عنه كي لا يغير [١٤١ ب/٤] وإنما ينهي عنه، لأن تصرفه باطل، وأما حكم الزكاة فلا زكاة فيها حتى يعلم أنها إذا صفيت بلغت نصاباً ثم يجب فيها الزكاة، وقال أبو حنيفة: إن كان الغش أكثر فلا زكاة، وإن كان الغش أقل من نصفها تلزم الزكاة بناء على أن أصله أن الغش إذا نقص عن النصف سقط حكمه حتى لو اقترض رجل عشرة دراهم فضة لا غش فيها فرد عشرة فيها أربعة دراهم غش يلزم المقرض قبولها ويجوز أن يخرجها عن الفضة الخالصة في الزكاة على سواء، وهذا ظاهر الفساد يخالف ظاهر الخبر الذي رويناه، فإذا تقرر هذا فإن كان عنده ألف درهم مغشوشة فإن أخرج خمسة وعشرين درهماً فضة خالصة أجزأته لأنه تطوع بالفضل، وإن أراد إخراج الزكاة منها نص في "الأم" (١) على ثلاث مسائل، أحدها: أنه أحاط العلم بقدر الغش منها فكانت منها خمسة وعشرين أجزاته لأن الفضة ستمائة وقد اخرج ربع العشر منه، والثانية: أن لا يحيط علمه بالمقدار ولكنه إذا استظهر عرف أنه أخرج الواجب وزيادة ففعل ذلك أجزأه، والثالثة: قال: لا أعرف المبلغ ولا استظهر [١٤٢ أ/٤] قلنا: فعليك التصفية لتعلم المقدار فتخرج منه هذا إذا أخرجها رب المال بنفسه إلى أهل السهمان فإن دفعها إلى الساعي وقال له: قد اجتهدت حتى أحاط علمي بالمقدار وهذا كل الواجب أو أكثر كان القول قول رب المال مع يمينه على الاستظهار، لأنه لا يخالف الظاهر فإن قال رب المال: لا أعرف المبلغ قطعاً لكن اجتهدت فأدى اختياري إلى هذا لم يكن للساعي أن يرجع إليه ولا يقبل منه حتى يشهد شاهدان من أهل الخبرة أن الأمر على ما حكاه، ولو أخرج الدراهم المغشوشة عن الدراهم الجيدة لم يجز وعليه أن يخرج خمسة دراهم لا فش فيها وهل له أن يرجع فيما أخرج من المغشوش قال ابن سريج فيه مثل ما قال فيما لو أخرج الرديء عن الجيد، وقد ذكرنا ما يقتضيه مذهب الشافعي إلا أنّا نقول: وها هنا إذا لم يذكر أنه عن فرصة لا يرجع وما أخرجه يجزيه بالقدر الذي فيه من القصد وعليه أن يخرج الباقي.

مسألة: قال (٢): ولو كانتْ لهُ فِضَّةٌ خَلَطَهَا بذَهَبٍ كانَ عليهِ أنْ يُدخِلَهَا النَّارَ حتَّى يَمِيزَ بَينَهُما.

الفصل

وهذا كما قال: إذا كانت معه فضة مختلطة بذهب وقدر كل واحد منهما يبلغ [١٤٢ ب/٤] نصاباً فإنه تجب الزكاة فيها، وإذا أراد إخراجها فإن تيقن مقدار كل واحد


(١) أنظر الأم (٢/ ٣٣، ٣٤)
(٢) أنظر الأم (٢/ ٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>