للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها لا شيء، إذا قلنا: رب المال إذا ارتد ثم عاد إلى الإسلام استأنف الحول في ماله، والثاني: وهو الأصح ذكره في "الحاوي" (١) عليه زكاة فطره وإن لم يسلم إذا قلنا: على رب المال الزكاة عاد إلى الإسلام أم لا، والثالث: أنها موقوفة على إسلامه، فإذا عاد يجب إذا قلنا: زكاة رب المال المرتد موقوفة على إسلامه وهذا أظهر عندي.

وقال والدي رحمه الله: الأظهر أنها لا تلزم لأنها تراد للطهره والردة تضادها، ثم قال بعد هذا: ويؤدي السيد عن رقيقه وهذا إذا قلنا: لا يملك بالتمليك فيلزم سيده ذلك، وإذا قلنا بقوله القديم: لا يجب على سيده فطرته ولا يجب على سيده أيضًا، لأنه ناقص الملك وقد زال ملك السيد، ومن أصحابنا من قال: على هذا القول قولان، والقول الذي يجب على سيد سيده، وقال الشيخ أبو حامد: هذا ظن من أصحابنا، وبئس ما ظنوا فقول واحد لا يجب على أحد إذا قلنا: يملك بالتمليك.

مسألة: قال (٢): وكل من لزمته مؤنة أحد حتى لا يكون له تركها أدى زكاة الفطر عنه.

وهذا [٢٢٣ أ/٤] كما قال: جملته أن زكاة الفطر عند الشافعي هي تابعة للنفقة فكل من كانت نفقته في ماله يفطر به في ماله، وكل من وجبت نفقته على غيره وجبت فطرته على ذلك الغير، والنفقة تجب على الغير بالسبب والنسب، فأما ذوو الأسباب: فالكلام عليهم يأتي، وأما ذوو الأنساب: فإنما تجب نفقتهم إذا كانوا من عمود الولادة وهم الوالدون والمولودون فكل من وقع عليه اسم اب حقيقة أو مجازًا لزمه نفقته وكل من وقع عليه اسم حقيقة أو مجازًا لزمته نفقتها وارثة كانت أو غير وارثة أولى بأب أو أم، والبنون والبنات وأولادهم ما توالدوا وتناسلوا وولد الإناث والذكور سواء، فالولد لا يخلو: إما أن يكون معسرًا أو موسرًا فإن كان موسرًا ففطرته ونفقته في ماله، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف، وقال محمد: نفقته في ماله وفطرته على أبيه، وبه قال زفر وإن تطوع الأب فأخرجها من مال نفسه يجوز ولو كان وصيًأ أو أمين حاكم فتطوع لم يجز، والفرق أن الأب يحتج به وولايته كاملة لأنه يتولى طرفي العقد فنيته تقوم مقامة نيته للولاية فجاز أن يتطوع بزكاة فطره [٢٢٣ ب/٤] بخلاف الوصي هكذا قال أصحابنا، وفي هذا الفرق نظر وعندي انه لا فرق بينهما في الجواز، وإن كان معسرًا فنفقته وفطره على أبيه، وهذا إجماع لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خبر ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تجب إلا على من أطاق الصلاة والصيام، وروى الحسن وسعيد بن المسيب: لا تجب إلا على من صلى وصام، وإن كان كبيرًا ففيه ثلاث مسائل:

إحداها: أن يكون موسرًا فنفقته وفطرته في ماله.


(١) انظر الحاوي للماوردي (٣/ ٣٥١).
(٢) انظر الأمك (٢/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>