للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كما قال هذه المسألة إنما تتصور في الزوجة فقط لأن نفقتها تجب مع الغني بخلاف القريب ولفظ "المختصر" يوهم أن هذه المسألة تتصور في مواضع وليس كذلك بل لا يتصور إلا فيما ذكرنا، وإنما ذلك لمجاز في العبارة، وقال: ولا يتبين لي أن تجب عليه لأنها مفروضة على غيره فدل على أن اللفظ لقوله تعالى: {ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ} [الأحزاب: ٣١]، وقوله تعالى: {مَن يَاتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ} [الأحزاب: ٣٠] الآية، فإذا تقرر هذا فجملته [٢٤٠ أ/٤] أنه إذا كانت الزوجة واجدة الفطرة وكان الزوج معسرًا يستحب لها إخراج الفطرة عن نفسها، ونص هاهنا أنه يجب عليها ذلك وقال في آخر هذا الباب (١): لو زوّج أمته من مكاتب أو عبد أو حر معسر فعلى السيد إخراج الفطرة هاهنا والسيد مع أمته كالحرة مع نفسها، وأسقطها عن الحرة إذا تزوجت ولم يسقطها عن السيد إذا زوّج أمته من هؤلاء فاختلف أصحابنا فيه على طرق أحدها: بنقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وفيهما قولان:

أحدهما: لا يكون على الحرة دون زوجها ولا على السيد دون زوج أمته لأن المخاطب هو الزوج بها فإذا عجز لم يجب على غيره.

والثاني: يجب على الحرة عن نفسها وعلى السيد عن أمته لأن الفطرة في الأصل كانت واجبة على السيد وعلى الحرة، وإنما تنتقل بالزوجية فإذا لم يكن الزوج من أهل أن ينتقل إليه بقيت على الأصل، ومنهم من قال في المسألتين قولين ولكن التعليل ليس ما ذكر القائل الأول وإنما هما مبنيان على أن الفطرة على من تجب ابتداء فإن قلنا: تجب [٢٤٠ ب/٤] على الزوجة ثم يتحمل الزوج على وجه الضمان عنها يجب على الزوج ابتداء وتصير بالزوجّة كأنها أحالت بالفطرة وهو كالمحال عليه لا يجب هاهنا على الزوجة ولا على السيد لأن الذي عليه الحق هو معسر به ومهم من قال: المسألتان على ظاهرهما والفرق بينهما أن الحرة يلزمها تسليم نفسها ولا اختيار لها في ذلك وليس كذلك السيد فإنه لا يلزمه تسليم أمته إلى زوجها، فإذا اختار تسليمها في حال اعساره لم تقسط الزكاة عنه لاختياره إسقاط الحق الذي يجب عليه ذكره أبو إسحاق، وهكذا لو كان زوجها موسرًا ثم أعسر فإنه لا فرق بين أن يتزوج ابتداء وهو معسر أو يتزوج وهو موسر ثم يصير معسرًا.

مسألة: قال (٢): وَلاَ بأسَ أَنْ يَاخُذَهَا بَعدَ أدائهَا إذا كانَ مُحْتَاجَاً.

الفصل

وهذا كما قال: إذا دفع صدقة الفطر إلى الفقير وكان ذلك الفقير من يجب عليه صدقة الفطرة فأخرج صدقة نفسه إلى هذا الدافع يجوز وله أن يأخذ عين ما أعطى ممن أعطاه [٢٤٢ أ/٤] قاله نصًا، وكذلك لو دفع الصدقة إلى الإمام فرد الإمام إليه ذلك مع


(١) انظر الأم (٢/ ٥٦).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>