للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابنا من قال: الأب أولى [٢٣٨ ب/٤] لأن حرمته أعظم ذكره القفال والأول أصح، فإن كان هناك صاع آخر وله ولد كبير زمن وليس له والد أخرجه عنه، وإن كان له والد ولا ولد له كبيرًا أخرجه عنه، وإن اجتمعا ففيه وجهان أحدهما: الولد أولى لأنه بعضه فهو كنفسه.

والثاني: الوالد أولى وهو المذهب، فإذا قلنا بهذا فإن كان هناك مع الأب امرأتيهما تقدم فهو مبني على نفقتيهما إذا اجتمعنا وفيه ثلاثة أوجه أحدها: الوالد أولى، والثاني: أن الأم أولى، والثالث: يقسم بينهما فإن قلنا: إن الوالد أولى بالنفقة قدمناه في الفطرة، وإن قلنا: أن الأم قدمناها، وإن قلنا: يقسم هناك قال أبو حامد أخرجه عمن شاء منهما، وإن شاء قسمه بينهما.

قلت: ينبغي أن يقال: يخرج عمن شاء منهما ولا يقسم لأن هذا التفريع على قول الترتيب، وأداء التمام لا على قول القسمة وترك الترتيب والصحيح أن الأب أولى لأن هذا الابن لو كان محتاجًا وهما موسران يقوم بكفايته الأب دون الأم فحصل من المذهب الصحيح أنه يبدأ بنفسه ثم بزوجته ثم بابنه الصغير ثم بأبيه ثم [٢٣٩ أ/٤] بأمه ثم بأبيه الكبير الزمن، والوجه الثالث: أن يخرج ذلك الصاع الواحد عن نفسه وعنهم فيكون قد أخرج البعض عن كل واحد مهم كما لو لم يجد إلا بعض صاع يخرجه على أحد الوجهين ذكره بعض أصحابنا بخراسان، وهذا أبعد الوجوه، والرابع: يخرجه عن أحد الجماعة لا بعينه يحتسل الله به عمن شاء لأنه لو كان واجد الفطرة كلهم لم يلزمه أن يعينها عن أحدهم ذكره في "الحاوي" (١)، والخامس: يبدأ بنفسه ثم إن فضل صاع أخرجه عن أيهم شاء لأنهم يستوون في إخراجها عنهم لو وجد الكل، قال: وقول الشافعي أدى عن بعضهم أراد أخرجها عن نفسه، وإن فضل معه أقل من صاع هل يلزمه إخراجه فيه وجهان، قال أبو إسحاق: لا يلزمه إخراجه ويكون كالمعدوم كما لو وجد بعد الرقبة في الكفارة لا يلزمه إعتاقه وهذا أصح، وقال ابن أبي هريرة: وهو ظاهر المذهب يلزمه إخراجه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (٢) لأن الفطرة تتبعض ولهذا [٢٣٩ ب/٤] تجب في العبد المشترك متبعضة بخلاف الرقبة في الكفارة فإذا قلنا: عليه إخراجه فالحكم فيه كما لو فضل صاع فإن لم يفضل شيء فلا شيء عليه فإن وجد يوم الفطر لم يلزمه إخراجه لأن الفطرة قد سقطت بالاعتبار وقت الوجوب ويستحب أن يخرجه، نص عليه في "الأم" (٣)، وقال مالك: يلزمه إخراجه وهذا غلط قياسًا على من وجد بعد أيام وعلى من أسلم بعد وقت الوجوب.

مسألة: قال (٤): فإن كان أحدٌ ممن يقوت واجدًا لزكاة الفطر لم أرخص له في ترك أدائها عن نفسه.


(١) انظر الحاوي للماوردي (٣/ ٣٧٣).
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (٤١٢/ ١٣٣٧)، وأحمد (٢/ ٣١٣، ٣١٤).
(٣) انظر الأم (٢/ ٥٧).
(٤) انظر الأم (٢/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>