للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك وأحمد وإسحاق، وروي ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

وقال أبو حنيفة: الواجب من البر نصف صاع، وروي ذلك عن عبد الله بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومعاوية وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وعمر بن العزيز وعروة بن الزبير واختلفت الرواية عن علي وابن عباس والشعبي فروي صاع وروي نصف صاع، وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان إحداهما: نصف صاع، والثانية: صاع، وبه قال أبو يوسف ومحمد واحتجوا بما [٢٤٢ ب/٤] روى ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صاع من بر أو قمح عن كل اثنين صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى غني أو فقير" وهذا غلط، بدليل ما روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كنا نخرج وكان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير أو كبير حر أو مملوك صاعًا من طعام أو صاعًا من أقط أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجًا أو معتمرًا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أنه قال: إني أرى مدين من تمر الشام يعدلان صاعًا من بر فأخذ الناس بذلك (١)، وأما خبر ثعلبة قال ابن المنذر: لا يثبت نصف صاع به عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخبرنا أولى لأنه زائد.

مسألة: قال (٢): وَبَيَّنَ فِيْ سُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ زكاةَ الفطرِ من البَقْلِ وممَّا يَقْتَاتُ الرجلُ ومَا فيه الزَّكَاةُ.

وهذا كما قال: البقل عند العرب هو ما يقتات به وأراد أن زكاة الفطر يتعلق بما يقتاته الآدميون [٢٣٤ أ/٤] على الدوام في بعض البلدان فيما يبقى له في المعدة ثقل بقى ممتدًا حتى يقوم بها الأبدان، وهاهنا إشكال وذلك أن هذا اللفظ بظاهره يدل على التنويع وليست هاهنا أنواع ولكن كلما كان قوتًا معتادًا ففيه صدقة الفطر.

وفي بعض نسخ "المختصر" حذف الواو عن قوله وما يقتات الرجل والحذف هو أقطع لهذا الإشكال، ولكن الواو ثابتة في قوله: وما فيه الزكاة فيكون الإشكال ثابتًا في تلك اللفظة ثم قطع هذا الإشكال أن يقال: قد حد الشافعي ما تجب فيه صدقة الفطر بثلاثة حدود أحدها: ما كان ثقلًا وهذا أيضًا حد كامل لأن الصدقة لا تجب إلا في الأقوات، والحد الثالث: قوله وما فيه الزكاة وهذا حدثًا منه لأن زكاة الفطر لا تتعلق إلا بما يتعلق به العشر سوى الأقط فإن فيه كلامًا سنذكره، فإذا تقرر هذا نقول يجوز إخراج البر والشعير والتمر والزبيب والحبوب التي يلزم فيها العشر، وقال الشافعي في الباقلاء: لا أحسبه يقتات فإن كان قوتًا أجزأه إذا أدّى منه صاعًا وأجمع أصحابنا أنه قوت يجب [٢٣٤ ب/٤] فيه الزكاة ويخرج منه زكاة الفطر، وأما الدقيق من الحب الذي يجزي في الفطرة، المذهب أنه لا يجوز، وقال مالك: يجوز بدلًا من الحب مع دقاقه


(١) أخرجه البخاري (١٥٠٦/ ١٥٠٨)، ومسلم (١٨/ ٩٨٥).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>