للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى وبه قال ابن عمر وأحمد لأن الرسول صلى الله عليه وسلم [٢٤٥ أ/٤] كان يخرج منه وعمل أهل المدينة عليه.

والثاني: وإليه مال الشافعي: البر أولى وبه قال علي رضي الله عنه وإسحاق، قال علي رضي الله عنه: الآن قد أوسع عليكم فأخرجوا البر ولأن التمر مجمع على أنه لا يجوز أقل من صاع، وفي البر اختلفوا ولا يصلح التمر للزراعة بخلاف البر ولأنه أصلح القوت وأطيبه، ومن أصحابنا من قال: يعتبر الأفضل بكثرة الثمن وبه قال أحمد وقيل: قال الشافعي في "الأم" (١): الأفضل البر، وقال في البويطي: الأفضل البر والتمر ولو قيل: يختلف هذا باختلاف البلاد كان مذهبًا وله وجه وهذا صحيح عندي وإن كان أهل البلد يقتاتون أقواتًا مختلفة، فالمستحب أن يخرج الأفضل ويجوز أن يخرج من أيهما شاء لتساوي الكل وحكي عن أحمد أنه قال: لا يجوز إلا من الأجناس الخمسة المنصوصة وهذا لا يصح لأنها تجب في الفاضل عن قوته وربما يكون قوتهم الذرة ويحصل الإغناء بذلك فجاز. د

مسألة: قال (٢): وَمَا أَدَّى مِنْ هَذَا أَدَّى صَاعَاً بِصَاعِ [٢٤٥ ب/٤] رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا كما قال: صاع النبي صلى الله عليه وسلم هو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف، وقال أبو حنيفة: الصاع ثمانية أرطال واحتج بما روى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع" (٣) والمد رطلان. وهذا غلط، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة في فدية الأداء: "أطعم ثلاثة آصع بين مساكين" (٤) والفرق بتحريك الراء هو ستة عشر رطلاً وهو بسكونها مائة وعشرون رطلاً، فدل أن ثلاثة آصع ستة عشر رطلاً.

وقال أحمد بن حنبل: عبرت صاع رسول الله صلى اله عليه وسلم بالمدينة فكان خمسة أرطال وثلثًا والطريق الواضح في ذلك نقل أهل المدينة خلفًا عن سلف فإنه لما اجتمع الرشيد مع مالك بالمدينة ومعه أبو يوسف اختلفا في قدر الصاع فحمل مالك قومًا كثيرًا معهم آصع نقلوها عن آبائهم أنهم كانوا يؤدون بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم [٢٤٦ أ/٤] فعبرت فكانت خمسة أرطال وثلثًا فرجع أبو يوسف إلى ذلك، وأما خبرهم فلم يصح قوله والمد رطلان ويحتمل أنه كان مد الطهارة أكثر من الزكاة، ثم اعلم أن الأصل هو الكيل في ذلك وإنما قدره العلماء بالوزن استظهارًا لئلا تختلف المكاييل والأولى إخراجها بالصاع إتباعً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد قال الشافعي في "القديم": وصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أرطال وثلث زيادة


(١) انظر الأم (٢/ ٥٨).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٨).
(٣) أخرجه مسلم (٥١/ ٣٢٥)، والترمذي (٥٦، ٦٠٩)، والنسائي (١/ ١٨٠)، وابن ماجه (٢٦٧)، وأحمد (٦/ ١٢١، ١٣٣).
(٤) أخرجه البخاري (١٨١٤، ١٨١٥)، ومسلم (٨٣/ ١٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>