للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: لا يجب وهو المنصوص في "مختصر البويطي"، وبه قال أبو حنيفة لأنه سقط عنه حكم هذا اليوم في أوله فسقط في آخره أيضاً لأن الآخر تابع الأول.

والثاني: يلزم القضاء لأنه صار من أهل التكليف في آخره فلزمه ذلك القدر من الصوم ولا يمكن الشروع في ذلك القدر فيقضي ولا يمكن القضاء إلا بيوم كامل، والأول أصح وإن بلغ صائماً في هذا اليوم لزمه إتمامه ولا يجب القضاء إذا قلنا لا تجب إذا كان مفطرًا. وإن قلنا يجب القضاء إذا كان مفطرًا فهاهنا وجهان: أحدهما: يقضي لأنه لم يبق الصوم الواجب من أوله، والثاني: هو اختيار أبي إسحاق أنه لا يلزمه القضاء لأنه حصل في الصوم من أوله. ويمكن بناء الباقي على الأول إلا أنه يكون متنفلًا [٣٣٠ ب/٤] في أوله مفترضًا في آخره ولا يمتنع مثل ذلك كما لو شرع في الصوم ... (١) إذا أسلم بعد انقضاء الشهر فلا قضاء عليه. وإن أسلم في أثنائه فما مضى لا يقضيه.

وأما اليوم الذي أسلم فيه هل يلزمه قضاؤه؟ وفيه وجهان كما ذكرنا في الصبي، وقيل: قول واحد يلزمه القضاء لأنه متعد واختلف أصحابنا هل يوصف بالوجوب عليه أم؟ وقد مضى هذا وحكي عن الحسن وعطاء أنهما قالا: إذا أسلم الكافر في شهر رمضان يلزمه قضاء ما مضى وهذا غلط، لأن الصيام هو في حكم عبادات فوجوب بعضها لا يستدعي وجوب الباقي.

وقال القفال من أصحابنا من قال: يجب قضاء هذا اليوم على الكافر يسلم والصبي يبلغ لأنهما مفرطان بترك الصوم ولا يجب على المجنون إذا أفاق، وقيل: لا يجب إلا على الكافر إذا أسلم لأنه عاص بخلاف غيره وأما المجنون إذا أفاق بعد مضي الشهر لا قضاء عليه.

وقال مالك: يلزمه القضاء وحكي هذا عن ابن سريج وقد تفرد به من بين أصحابنا وهو رواية عن أحمد قياساً على الإغماء، وقيل: هذا لا يصح عن ابن [٣٣١ أ/٤] سريج وهذا خطأ ظاهر بخلاف الإجماع، ولأن التكليف عنه ساقط بخلاف المغمى عليه وإن أفاق في أثناء الشهر لا قضاء عليه لما مضى وفي اليوم الذي أفاق فيه وجهان على ما ذكرنا.

وقال أبو حنيفة: يلزمه قضاء ما مضى وإذا بلغ مجنونًا ثم أفاق في أثناء شهر رمضان فيه روايتان عنه وهذا غلط لأنه معنى لو دام الشهر كله لا يلزمه القضاء، فإذا زال في بعض الشهر لا يلزمه قضاء ما مضى كالصَّغير. وحكي عن المزني أنه قال في "المنثور" إذا أفاق في أثناء الشهر يقضي ما مضى في قول للشافعي وأهل الكوفة ولم يقبله أصحابنا أجمع وقالوا: لا نعرف هذا للشافعي، وأما المغمى عليه فإنه يلزمه القضاء بكل حال. وحكي عن أبى حنيفة أنه قال: إذا امتد الإغماء شهرًا كالمجنون فإذا أفاق


(١) موضع النقط بياض بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>