للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد مضي تمام الشهر لا يلزمه القضاء.

مسألة: قال (١): وَأُحبُّ للصَّائِمِ أنْ يُنَزَّه صيامَهُ عنِ اللَّغَطِ القَبِيحِ.

الفصل

وهذا كما قال: أراد أنه يستحب له أن يطهر صومه ويصونه عن اللغط القبيح من الغيبة والنميمة والكذب والمشاتمة ويكره له ذلك والكراهة في [٣٣١ ب/٤] المشاتمة أشد لأنها أقطع، وقيل يجب عليه أن يصون سمعه وعينه فلا ينظر إلى ما لا يحل ويسمعه فلا استمع إلى ما لا يحل وبلسانه فلا ينطق إلا بخير وهذه الأشياء وإن كانت حراماً ففي رمضان هي أشد تحريمًا وهذا لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به- يريد العمل بالزور وهو الربا - فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (٢) ويستجب إذا شوتم أن يقول: إني صائم فقيل يقول ذلك باللسان أو لا يشتغل بالانتصار وقيل أراد فليعلم أنه صائم ليمنعك ذلك من المقابلة لأن ستر الطاعة أولى. وقال الشافعي للخبر في ذلك وأراد ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصوم جنة وحصن حصين من النار فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يفسق ولا يرفث فإن امرؤ شاتمه أو سابه فليقل إني امرؤ صائم" (٣).

وقيل: لقوله إني صائم ثلاث تأويلات: أحدها: أن في قوله هذا شفاء لغيظه وسكوناً لنفسه، والثاني: ليتذكر صوم نفسه فيمتنع من جواب خصمه، والثالث: ليعلم خصمه صيامه فيكف عن شتمه وإذائه.

ومن أصحابنا [٣٣٢ أ/٤] من قال: أنه في صوم رمضان يقول ذلك بلسانه وفي صوم التطوع وجهان، والفرق أنه لا يؤدي هناك إلى إظهار الطاعة والرياء ليعلم الناس أنه صائم في ظاهر الحال وفي التطوع يؤدي إلى ذلك فلا يقول هذا باللسان ولكن ليعلم في نفسه ذلك وهذا حسن فإن اغتاب أو شتم أو قذف لا يبطل صومه. وقال الأوزاعي وبعض الشيعة: يبطل صومه، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء، الغيبة والنميمة والكذب والنظر بالشهوة واليمين الفاجرة" (٤). وهذا غلط لأن ما لا يفطره مباحة لا يفطره محظورة كالقبلة أو نوع كلام لا يخرج به عن الإسلام كغيره وأمَّا الخبر فمحمول على بطلان الأجر كما قال صلى الله عليه وسلم "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس حظه من قيامه إلا السهر" (٥)، وأراد به لبطلان أجره.


(١) انظر الأم (٢/ ٢١).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٣)، وأبو داود (٢٣٦٢)، والترمذي (٧٠٧)، والنسائي (٣٢٤٥)، وابن ماجه (١٦٨٩).
(٣) أخرجه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١٦٠/ ١١٥١).
(٤) أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٢/ ١٩٦).
(٥) أخرجه أحمد (٢/ ٣٧٣)، وابن ماجه (١٦٩٠)، والحاكم (١/ ٤٣١)، والبيهقي في "الكبرى" (٨٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>