للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أضر الصوم بلبنها الإضرار البين. فأما ما كان من ذلك محتملًا فلا يفطر والصوم قد يزيد في عامة العلل ولكن زيادة محتملة وينقص بعض اللبن ولكن نقصاناً محتملاً فإذا تفاحش أفطر. هذا كل لفظ الشافعي [٣٣٣ ل/٤] رحمه الله ولم يرد بما ذكر في "المختصر" لا يستطيع الصوم بحاله ولكن أراد ما فسرها هنا وهذا الذي ذكرنا هو إذا انتهى إلى حد الهرم بيقين لا يرجى قدرته في المستقبل على القضاء فإنه إن كان يرجى ذلك فحكمه حكم المريض ثم هذا الذي ذكرنا هو إذا كان قادراً على الإطعام فإن كان فقيراً لا يقدر على الإطعام حتى مات فلا شيء عليه وإن أيسر بعد الإفطار فقد وجب عليه الإطعام فإن مات قبل أن يطعم وجب الإطعام عنه لأن الإطعام من الشيخ الهرم هو بمنزلة القضاء في المريض والمسافر لو ماتا قبل زوال عزرهما ويمكنهما من القضاء لا يجب عليهما شيء، وإن زال عزرهما وقدر على القضاء لزمهما القضاء، وإن ماتا قبل القضاء وجب أن يطعم عنهما مكان كل يوم مُداً من الطعام فلذلك هاهنا.

فإن قيل: قال الشافعي هاهنا: والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم ويقدر على الكفارة يتصدف. فقيل: وجوب الكفارة بالقدرة عليها، وهذا يقتضي أنه لو كان معصرًا لم يلزمه ذلك. قلنا: مذهب الشافعي وغيره أن الكفارة لا تسقط بوجود الاعتبار عند [٣٣٤ أ/٤] سبب وجوبها وأراد الشافعي بهذا التقييد تعجيل المباشرة حتى إن كان موسرًا فأفطر عجل مباشرة الكفارة ولم يرد بذلك أنه إذا كان معصرًا ثم أيسر لا يلزمه.

وقد حكي الشافعي حديث الأعرابي المجامع، ثم قال: لما أمره بصرفه إلى عياله احتمل أن يقال: لا تجب الكفارة على معصر، واحتمل أنها واجبة ولكن لم يكن مخاطباً بها في الحال للعصرة، والصحيح أنه لم يذكر هذين الاحتمالين على معنى تخريج القولين، بل تكلم على الخبر بما يحتمل ثم بين مذهبه على ما سبق ذكره. وقال داود: كيف ما كان المرض يسيرًا أو شديدًا فله النظر، وقال الحسن والنخعي: إن كان مرضه بحيث له أن يصلى قاعدًا فله الفطر وإلا فلا. وسمعت بعض أصحابنا يفتى بهذا الصحيح ما تقدم.

فرع

لو أفطر الشيخ الهرم فأوجبنا الفدية، ثم قدر على القضاء بعده تلزمه الفدية، وهو كالمغضوب إذا أحج رجلًا عن نفسه ثم قدر على الحج يلزمه أداؤه بنفسه.

فرع آخر

ذكره والدي- رحمه الله - لو كان على الشيخ الهرم صوم نظر أو قضاء فعليه الإطعام عن كل يوم مُدًّا، ولو نظر الصوم [٣٣٤ أ/٤] وهو شيخ هرم هل ينعقد نظره؟ يحتمل وجهين: أحدهما: يصح ويلزمه الإطعام وهذا أصح، والثاني: لا يصح. وقيل: الوجهان مبنيان على أنه يلزمه صوم رمضان ثم بالعجز يفتدي أو الواجب عليه الفدية أولًا ابتداء، وفيه وجهان، فظاهر المذهب أنه يلزمه الصوم لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>