للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعشرين (بليلة) الحادي والعشرين ثم قال: ولا أحب ترك طلبها فيها كلها، يعني ما من ليلة من هذ العشر إلا وطلبت ليلة القدر فيها خصوصًا في ليلة السابع والعشرين، فإن أكثر الصحابة على أنها هي ليلة القدر، وأعلم أن الشافعي أدخل هذا في هذا الباب وليس من مسائل وجملته أن ليلة القدر ي ليلة شريفة فاضلة ومعناه [٣٥٥ ب/ ٤] أنه قدر فيها ما هو كائن في تلك السنة وقيل معناه: ليلة الشرف والفضيلة لها قدر وشأن من قولهم رجل له قدر.

وأعلن أنها ثابتة غلى يوم القيامة غير منسوخة، وإنما يعتكف طلبًا لها في الغالب، قال الله تعالى: {لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣]، أي: خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وهو قول قتادة، وقيل: خير من عمل ألف شهر وهو قول الربيع، وقال مجاهد: أراد العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليست فيها ليلة القدر فصيام نهارها وقيام ليلها، وروي هذا عن ابن عباس أيضًا، وقوله تعالى: {إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر:١]، يعني: القرآن، وذلك أن الله تعالى أنزل القرآن ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل من السماء الدنيا نجومًا الآية والآيتين والثلاثة والسورة على ما علم الله تعالى من المصالح، وقوله: {تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ فِيهَا} [القدر: ٤]، قيل: أراد به جبريل عليه السلام، وقيل: أراد به العلم كقوله تعالى: {يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} [النحل: ٢]، وقيل: قوله: {بِإذْنِ رَبِّهِم} [القدر: ٤] أي: بأمر ربهم من كل أمر سلام، قال ابن عباس يسلمون [٣٥٦ أ/ ٤] على كل مؤمن ومؤمنة إلا على مدمن خمر أو مصر على الزنا أو ساحر أو كاهن فمن إصابته التسليمة غفر له، وقوله: {هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} [القدر: ٥] يريد ليلة القدر من حين غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

وأعلم أنها باقية لم ترفع لما روى عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله ليلة القدر رفعت مع الأنبياء قال: بل ي إلى يوم القيامة، قلت: هي في رمضان أو في عيره من جميع السنة؟ قال: "في رمضان "قلت: في العشر الأول أو الثاني أو الأخير؟ قال: "في العشر الأواخر"وقال بعض أصحابنا: الأصح أنها لم تكن إلا لهذه الأمة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلًا من بني إسرائيل لبس لأمته وقاتل في سبيل الله ألف شهر لا ينزعها فاستعظمت الصحابة ذلك وتمنوا أن يكون لهم مثل هذا العمر وهذه القوة فأنزل الله هذه السورة.

وروي أن الصحابة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر أعمارهم وقالوا: إن الرجل ممن كان قبلنا كان يعمر ألف سنة وأعمارنا قصيرة فلو عمرنا مثل أعمارهم لعبدنا الله تعالى فنزلت هذه السورة، فإذا [٣٥٦ ب/ ٤] تقرر هذا قال الشافعي رحمه الله: ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان والمستحب أن يطلب في جميع العشر وطلبها في الوتر منها أكد استحبابًا منه في الشفع وطلبها في الحادي والعشرين والثالث والعشرين أكد استحبابًا من طلبها في سائر الأوقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>