للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا كما قال: قد ذكرنا إذا نذر اعتكاف يوم ماذا حكمه ولا فرق بين أن يعين اليوم أو لا يمن، وأما إذا نذر اعتكاف يومين فلا يخلو إما أن يطلق، ها أن يشترط التتابع فإن شرط التتابع يقال: لله عليَّ اعتكاف يومين متتابعين يلزمه أن يعتكف يومين وليلة بينهما لا يختلف أصحابنا فيه إلا أن يكون له نية النهار دون الليل فلا يلزمه الليلة، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: يلزمه يومان وليلتان لأن لفظ الإمام على الأيام على طريق الجمع والتثنية يدخل فيه مثله من الليالي، وكذلك لفظ الليالي بدليل قوله تعالى:" قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا " [آل عمران:٤١]، وقال في موضع آخر" ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا " [مريم:١٠]، وهذا غلط لأن اليوم هو اسم لبياض النهار والتثنية هي تكريرًا لواحد فإذا لم يدخل في الاسم ولا تخلله لم يدخل فيه، وأما ما ذكره قلنا: يجوز دخول [٣٨٤ ب/٤] فيه بالإرادة، فأما باللفظ فلا ومن أصحاب أبى حنيفة من قال: قاله أبو حنيفة استحبابًا والواجب يومان وليلة فعلى هذا ارتفع الخلاف لأن عندنا يستحب ذلك أيضًا.

وإن نوى بلياليهما يلزم ليلتان عندنا أيضًا وإن أطلق وقال: يومين أو عشرة أيام فلا يختلف أصحابنا أن التتابع لا يجب ولكن اختلفوا في وجوب الاعتكاف في الليل فقال عامة أصحابنا: يدخل الليل فيه ويلزمه أن يأتي بيومين وليلة وهذا هو ظاهر المذهب لأن كل زمان لا ينفك من الليل فإذا نذر اعتكافه دخل الليل فيه تبعًا، ومن أصحابنا من قال: لا يدخل الليل فيه لأن اسم اليوم لا يقع إلا على بياض النهار فلا يدخل الليل فيه من غير شرط، وتأويل نص الشافعي أنه أراد به يومين متتابعين وعلى هذا لو قال: لله علي أن أعتكف ليلتين فإنه يلزمه أن يعتكف ليلتين ويومًا ويجوز متتابعًا ومتفرقًا على قول بعض أصحابنا وهو الصحيح، وفيه وجه آخر؛ أنه يلزمه أن يعتكف ليلتين من غير يوم.

ومن أصحابنا من قال: إذا كان يومين في الليلة التي بينهما ثلاثة أوجه، وإذ قال ليلتين ففي اليوم الذي بينهما ثلاثة أوجه اثنان: مما ذكرنا، والثالث: أنه إن شرط [٣٨٥ أ/٤] التتابع يلزمه عنه لأنه قد لا ينفك منه اليومان أو الليلتان.

فرع آخر

دخل في الاعتكاف ثم نوى الخروج منه فيه وجهان أحدهما: يبطل لأنه قطع شرط صحته كما لو قطع نية الصلاة، والثاني: لا يبطل لأنه قربة تتعلق بمكان فلا يخرج منها بنية الخروج كالحج والأول أظهر.

فرع

لو قال: لله عليَّ أن أعتكف العشر الأواخر يلزمه ذلك مع الليالي لأن العشر اسم الأيام بلياليها بخلاف الأيام، ولو قال: لله عليَّ أن أعتكف آخر شهر في هذه السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>