للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعتكف ذا الحجة من أوله إلى آخره تامًا كان أو ناقصًا، ولو قال: لله عليَّ أن أعتكف ثلاثة أيام قال القفال: يدخل فيها الليالي بخلاف ما إذا قال: يومين والفرق أن العرب تطلق الأيام وتريد مع الليالي وفي اليومين لا تريد إلا النهار وهذا أحسن ولكنه خلاف ظاهر المذهب.

مسألة: قال (١): وإن قال: لِلّهِ عَليَّ أَنْ أعْتَكِفَ يَوْمَ يَقْدُمُ فيه فُلانٌ فَقَدِمَ في أولِ النَّهارِ اعتَكَفَ في مَا بَقِيَ.

وهذا كما قال: إذا نذر أن يعتكف اليوم الذي تقدم فيه فلان لا يصح نذره في أحد القولين، لأن الصوم لا يصح في بعض النهار، فإذا قدم لا يمكنه أن يصوم فيه والاعتكاف يصح في بعضه ثم ينظر فإن قدم [٣٨٥ ب/٤] ليلًا لم يلزمه الاعتكاف لأن الشرط لم يوجد، وإن قدم نهارًا يلزمه أن يعتكف ما بقي قولًا واحدًا ويجزيه قليلًا كان أو كثيرًا ولا يلزمه قضاء ما مضي منه، وقال المزني: يلزمه قضاء ما مضى من نهاره فقال: يشبه ....... (٢)، إذا قدم في أول النهار يقضي بمقدار ما مضى من ذلك اليوم من يوم آخر حتى يكون قد أكمل الاعتكاف يومًا ثم أوضح ذلك فقال: وقد يقدم في أول النهار بطلوع الشمس وقد مضي بعض يوم فلا بد من قضائه حتى يتم يومًا، قال المزني: ولو استأنف اعتكاف يوم حتى يكون اعتكافه موصولًا كان أحب إليَّ أي حتى لا ينقطع بدخول الليل، وقال أصحابنا هذا غلط، لأن اعتكاف باقي هذا النهار وإتمامه من يوم آخر أولى من استئناف اعتكاف يوم ليكون البعض في وقته هناك والأفضل أن يعتكف باقي اليوم الذي قدم فيه وقضى الباقي من الغد، وإن أراد غاية الفصل والتمام استأنف يومأ آخر على الكمال.

ومن أصحابنا من قال: إذا قدم وبقي من النهار دون الصف فيه أربعة أوجه أحدها: لا يلزمه شيء وهذا على قول من قال: قعود ساعة لا يكون اعتكافًا، وأنه إذا نذر صوم يوم [٣٨٦ أ/٤] يَقدُم فيه فلان فَقَدِمَ وهو مفطر لا ينعقد نذره، والثاني: يلزمه اعتكاف بقية النهار وهذا على قول من يقول قعود ساعة يكون اعتكافًا، والثالث: عليه اعتكاف يوم كامل فيضيف إليه من الليل ما يتم قدر يوم فإن لم يفعل يقضي يومأ كاملًا، والرابع: يضيف إليه من الليل قدرًا يحتسب بذلك من الزمان اعتكافًا وهذا على قياس قولنا في الصوم يلزم ما هو صوم في الشرع، وهو يوم كامل.

واحتج المزني بأنه لو قال: للَّه عليَّ أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه وقلنا: يصح نذره فقدم في بعضه يجب ..... (٣) وهذا غلط، لأن هذا الزمان ... (٤) فصار كما لو أوجب على نفسه اعتكاف زمان ماضٍ لا يلزمه ويفارق الصوم لأنه لا يمكنه أن يأتي بالصوم فيما بقي من النهار ولا يمكنه آن يقضيه متميزًا عما قبله فلزمه قضاء يوم كامل وفي الاعتكاف يمكنه أن يأتي فيما بقي من اليوم اعتكافًا صحيحًا فأجزأه ذلك، ولو قدم


(١) انظر الأم (٢/ ٣٨).
(٢) (٣) (٤) موضع النقط بياض بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>