عباس- رضي الله عنه- أن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال:" الوضوء مما يخرج لا مما يدخل" وأما خبرهم: قلنا نحمله على غسل اليد وهو ظاهر لأن الوضوء إذا أضيف إلى الطعام اقتضى غسل اليد لما روى أن النبي (صلي الله عليه وسلم)"كان يأمر بالوضوء قبل الطعام وبعده". وروى أنه قال (صلي الله عليه وسلم)" الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر ويعده ينفي اللحم". وإنما فرق بين لحم الغنم، ولحم الإبل؛ لأنه يندب إلى غسل اليد من لحم الجزور أكثر مما يندب إليه من لحم الغنم لثقل رائحته وزهومته. وقال أصحابنا: المأكول على ثلاثة أضرب: طاهر لا ريح له كالخبر والتمر واللبن، إن شاء غسل اليد منه وإن شاء [١٩٩ أ/ ١] لم يغسل، وطاهر له رائحة كالبصل والثوم واللحم يستحب أن يغسل يده منه كالمسكر والميتة إذا أكلها عند الضرورة فيجب غسل اليد منه، وكل موضع أصابه من جده فإن صلى قبله غسله أعاد الصلاة.
وهذا كما قال: كل ماء ينقض الوضوء فعمده وسهوه سواء، قصد به الرد على مالك في اللمس والمس من غير قصد، والأصل في ذلك ما روى أن النبي (صلي الله عليه والسلام) أوجب الوضوء من المدّى، وهو بخرج من غير قصد، ولأنه لو احتلم يلزمه الغسل وهو بغير قصد واختيار، فدل على أنه لا يعتبر فيه الفصل.
مسألة: قال:" وَمَنْ اسْتَيْقَنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شَكَّ في الْحَدَثِ".
الفصل
وهكذا كما قال: إذا تيقن الطهر ثم شك في الحدث، أو تيقن الحدث ثم شك في الطهر بنى على اليقين، سواء لحقه الشك بعد الدخول في الصلاة أو بعد الدخول فيها، وأصله ما روى أن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال:" إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته فينفخ بين إليتيه
ويقول: أحدثت، فلا تنصرني حتى تسمع صوتًا أو تشم ريحًا". وقال مالك: يلزمه الوضوء بكل حال. وقال الحسن: إن كان الشك في الصلاة مضي في صلاته، وإن كان الشك قبل صلاته فإنه يلزمه الوضوء. قيل: هو قول مالك ولا يصح، وهذا غلط؛ لأنه يبقى حالة [١٩٩ ب/ ١] فلا يزيلها الشك إلى ضدها، كما لو تيقن الحدث ثم شك في الطهر، ونفيس على ما لو كان الشك في بناء الصلاة. واحتج بأن هذا الشك يرجع إلى جواز صلاته، فكأنه شك أن إحرام صلاته هل صح أم لا؟ قيل: اليقين السابق أولي من هذا الشك، كما لو شك في طهارة الماء فإنه ببني على أصل الطهارة.