للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع

قال صاحب" التلخيص" لا يزول اليقين بالشك في الطهارة إلا في مسألة، وهي أن يقول: توضأت وأحدثت ولا أدري أيهما قد مت؟ فقال له: قدم وهمك على الأمرين، فإن كنت محدثًا قبل هذين الأمرين فأنت الآن متطهر، وإن كنت متطهر فأنت الآن محدث. وهذا في الخشفة بناء على اليقين أيضًا لا على الشك، ووجهه أنه إذا كان قبل هذين الأمرين محدثًا بعد عرف أن طهره رفع أن طهره رفع ذلك الحدث، ثم شك هل وجد حدثًا؟ رفع ذلك الطهر أم لا والأصل عدمه. وفي عكسه إذا كان قبل هذين الأمرين متطهر فقد عرف إن حدثه رفع طهره، ثم شك هل وجد طهر رفع ذلك الحدث أم لا؟ والأصل عدمه، وهذا كما لو أقام رجل البينة أن فلانا استوفي منه جميع حقه وأبرأه، ثم أقام المشهود عليه بالقبض. بينة أن المشهود له أقر له بألف، لم يثبت عليه لجواز أن يكون ذلك قبل الاستيفاء. ومن أصحابنا من قال: يتعارض هذان العارضان ويرجع إلى الأصل المتقدم [١٢٠/ ١]، فإن] كان] قبل هذين الأمرين طاهرًا فهو الآن طاهر، وإن كان محدثًا فهو الآن محدث. ومن أصحابنا من قال: عليه الوضوء هاهنا احتياطًا للصلاة. وهذا اختيار أبي حامد وجماعة، وهذا لأنه لم يتيقنهما وشك في السابق منهما استوت حالتهما، فصار الوضوء مشكوكًا فيه، ولا يجوز أن يصلي بطهارة مشكوكًا فيها، وما ذكره القائل الأول لا يقوى ظن الطهارة؛ لأنه قد تيقن حصول حدث بعد ذلك الحدث الأول، وشك في أن الطهارة تأخرت عنه بإزالته أم لا، فصارت الطهارة مشكوكًا فيها، فإن قال: عرفت قبل هاتين الحالين حدثًا وطهارة، ولا أدري أيهما كان أولًا؟ اعتبرنا ما كان مستقبل هاتين الحالتين الأوليتين، فإن عرق الطهارة من نفسه قبلهما جاز له أن يصلي الآن، وإن عرف الحدث قبلهما لم يكن له أن يصلي الآن ما

لم يتطهر، فجواب هذه المسألة هو بعكس ما ذكرنا، وهما سواء في المعنى إذا تأملت. وهذا هو على قول ابن أبي أحمد، فإن قيل: ترك الشافعي الأصل المتيقن في مسائل منها: ما قال: لو كان له عبد غائب لا يعرف حياته فأعتقه عن الكفارة لم يجز، والأمل بقاؤه وجواز عتقه عنها. ونال في الجمعة: إذا شك هل خرج الوقت أم لا لم تجز الجمعة، والأصل بقاء الوقت. وقال: لو شك في انضاء مدة المسح لا يجوز المسح، والأصل بقاء المدة [١٢٠ ب/ ١]. وقال: لو رأى أن ظبيًا بال في غدير، ثم عاد إلى ذلك الغدير فوجد ماء متغيرًا، ولا يدري أبنفسه تغير أم ببوله لا يجوز التوضيء به، والأصل الطهارة. قلنا: أما الأول فقد تقابل هناك أصلان حساب العبد واشتغال ذمته بالكفارة، فلا تبرأ ذمته إلا باليقين. وأما الثاني: فالأصل في الفرض الظهر والجمعة عارض يجوز بشرائط، فإذا شككنا في شرطه بنينا على أصل الفرض وهو الطهر. وعلى هذا قال يعض أصحابنا: إذا رفع الشك في ذهاب وقت الجمعة في أثناء الصلاة لا يتمها جمعة على قياس المذهب.

وأما الثالث: فالأصل وجوب غسل الرجلين والمسح جوز رخصة شرط فلا بد من

<<  <  ج: ص:  >  >>