للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

لا فرقّ بين أن يكون واجدًا لهذه النفقة ناضًا أو محلفه، أو غير ذلك أو يكون مال في يده أو دين حال على ملي يقدر على قبضهِ منه لأن الدين الحال على ملي يميز له العين في يده، لأن كان له دين مؤجل على رجل أو حال على غير ملي فوجوده وعدمه سواء وعلى هذا نتصور الحيلة في إسقاط فرض الحج مع اليسار بأن يبيع ماله قبل وقت الحج مؤجلًا إلى وقتٍ إذا أخذه لا يمكنه المسير إلى الحج. ولو كانت للرجل دار وهو يحتاج إلى تلك الدار للسكنى لا يلزمهُ بيعهُا لأنه يحتاج إليها للسكنى فهي كثياب بدنهِ. وكذلك إن كان له خادم وهو ممن يخدمه لم يلزمه بيعه، وحكي الشيخ الكشي أيضًأ عن الشافعي أنه قال: لا يباع فيه المسكن، ولا الخادم بخلاف المفلس، قال: وهكذا لأجل زكاة الفطر، وقال أبو حامدٍ: هكذا ذكره أصحابنا قياسًا على من لزمته كفارة لا يلزمه بيع المسكن والخادم الذي يحتاج إلى خدمته لمروةٍ، أو زمانة، ولا نص فيه والمذهب أنه يلزمه بيعُ الدار والخادم، وأداء الحج بثمنه، ويكتري مسكنًا وخادمًا لأهله لأن النبي (صلي الله عيله وسلم) اعتبر الزاد، والراحلة، وهذا واجد وكما قلنا في صدقة الفطر أنه إذا فضلت عن كفاية [٦/ب] يومه، وجبت عليه ولأنا لو اعتبرنا الفاضل عن المسكن والخادم لاعتبرنا الفاضل عن كفايته على الدوام، وذلك لا يعتبر كذلك ههنا، وليس كالكفارة لأن لها بدلًا تنتقل إليه فخفّف أمرها بخلاف هذا، ولأنه يلزم بيعها في حق الغرماء كذلك للحج، وزكاة الفطر، والأصحّ الأوّل لأن هذا من حق الله تعالى فلا يضيقُ عليه كل التضييق، بخلاف حق الغرماء، ولهذا يعتبر ههنا نفقة الذهاب والرجوع له، ولعياله، ولا يعتبر ذلك في حق الغرماء عند بيع مَال المفلس لهم. ومن أصحابنا من سلم الفطرة أنه يلزمه أداؤها من المسكن والخادم، واعتذر بأنها تجب على الفقير وتتحملها الغير عنه بخلاف هذا، والأصحّ عندي ما تقدم. وأما الكفاية على الدوام من أصحابنا من يعتبرها، وهو القياس، فلا سلم.

فَرْعٌ آخْرُ

لو كانت دار كبيرة، يمكنه أن يبيع بعضها ويسكن في باقيها يلزمه بيعها وصرف ثمنها إلى الحج. قال أصحابنا: ولا يجب عليه بيع كتبه إذا كان فقيهًا يحتاج إليها، فإن كانت له كتب لا يحتاج إليها، أو كانت له نسختان من كتاب واحدٍ يلزمه بيعها وبيع إحدى النسختين، وكذلك إذا كان له خادم كثير الثمن يكفيه خادم بدون ذلك الثمن يلزمه بيعه.

فَرْعٌ آخرُ

لو لم يكن له مسكن ومعه نقد يكفيه لحجّه، هل يجوز له أن يشتري بهِ مسكنًا؟ فإن قلنا: يبيع المسكن له لا يشتري، وإن قلنا: لا يبيعه، فالقياس أنه يجوز له أن يشتري يه المسكن الذي يحتاج إليه [٧/أ]. وحُكي عن أبي يوسف أنه قال: لا يبيعُ مسكنه ولا يشتري المسكن أيضًأ، بل يصرف النقد إلى الحج، وهذا غلط لأنه إذا لم يلزمه بيعه للحاجة له شراؤه عند الحاجة كثياب بدنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>