والثالثة: أن يكون حجّ حجّة الإسلام، وأما صفة المطمع فثلاث أيضًا:
أحدها: أن يكون على صفةٍ يلزمه فرضُ الحجّ بنفسهِ، وقد ذكرنا شرائط ذلك لا بالجعل بذله كاستطاعته في نفسهِ، فيحتاج إلى أن يكون على صفة وجوب الحج أيضًا.
والثانية: أن يكون قد حجّ عن نفسهِ حجّة الإسلام لأن من لم يحجّ عن نفسه لا يحجّ من غيره.
والثالثة: أن يكون موثوقًا بطاعته، وأنه إذا آمره به امتثل أمره، فأمّا إذا لم يثق به لا يلزمه، لأنه لا يتيقن قدرته عليه.
فَرْعٌ
لو كان هذا المطيع زمنًا موسرًا، وهو يطيعه في تجهيز من يحجّ عنه، قال أصحابنا: يلزمه الحجّ لأنه لما كان مستطيعًا بنفسه وجب أن يستطيع غيره به ذكره أبو حامد والقاضي الطبري وغيرهما.
فَرْعٌ آخرُ
إذا كانَ له من يطيعه في الحجّ عنه، وهو لا يعلم بطاعته، أو ورث مالًا ولم يعلم، قال بعضُ [١١/ب] أصحابنا: هو بمنزلة أن يكون له مالٌ ولا يعلم به بأن يموت مورثه، فلا يلزمه الحج، وقال بعضهم: هو بمنزلة من نسي الماء في رحله أو لم يعلم بكونه في رحله فتيمم وصلى هل تجوز صلاته؟ فيه قولان: فإذا قلنا: يلزمه يحج عنه بعد موته من تركته الموروثة.
فَرْعٌ آخرُ
المعصوب إذا كان من سكان مكة، أو من دون مسافة القصر لا يجوز له أن يستنيب لأنه لا يكثر المشقة عليه في أداء الحجّ ولهذا لو كان قادرَا لا يعتبر في حقه الراحلة، ذكره أصحابنا.
فَرْعٌ آخرُ
لا فرق بين أن يكون المطيع ولدًا أو ولد ولدًا وكان غير الولد من العم والأخ والأب والجد والأجنبي. نصّ عليه في" الأم" ولا "الإملاء"، وقال في" المختصر": من يطيعه ولم يفصل، وهذا لأن المعتبر إمكان تحصيل الحجّ، وهو موجود في بذل الكلّ والمنة لا يعظم بمعونة البدن ومن أصحابنا من قال: لا يلزمه إلّا بطاعة الولد أو ولد الولد، لأن الولد يختصّ مع الوالد بأحكام كثيرة، فإن الوالد لا يقتل بولده، ولا يحد بقذفه، ولو وهبَ منه شيئًا، وأقبضه له الرجوع فيه، وهو كسبه كما قال (صلي الله عليه وسلم): بخلاف الأجنبي، وهذا ليس بشيء، هكذا ذكره أهل العراق. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان: والصحيح، لا يلزمه في بذل غير الولد، وهو غلط بخلاف النص.