للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمتمتع إذا لم يجد الهدي, ولم يصم الثلاثة من العشرة أن يصوم أيام التشريق (١).

والثاني: قاله في "الجديد", وهو الصحيح أنه لا يجوز, وروي ذلك عن علي رضي الله عنه.

وبه قال أبو حنيفة, والقَول الآخر مرجوع عنه لأن الشافعي قال ههنا: وكنت أراه, أي كنت في "القديم" أرى جواز ذلك, وقيل: إن الشافعي رضي الله عنه قال في "الجديد": قال قوم: يصوم أيام منى, وقد كنت أراه, وأما الآن لا أراه. ثم تأول ما روي عن بعض الصحابة, فقال: وقد يكون من يصوم أيام منى ذهب عنه نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها يعني ما رواه أبو هريرة, أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ستة أيام (٢) .... الخبر. وروى أبو هريرة أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة السهميى يطوف قي منى أن لا تصوموا هذه الأيام, فإنها أيام أكل وشرب, وذكر الله تعالى (٣). وأما خبرهم رواه يحيى بن سلام, وهو ضعيف وربما يروون عن عبد الغفار بن القسم عن الزهري عن عمرو, وعن عائشة وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد في صيام أيام التشريق إلا ممتع, أو محصر وعبد الغفار هذا أخطأ في إسناده, وهو ضعيف أيضًا, ثم إن المزي أيّد [٥٠/ ب] هذا القوي, فقال: قوله هذا أقيس, لأن النبي صلى الله عليه وسلم سوى في نهيه عنها وعن يوم النحر, فإذا لم يجز صيام يوم النحر للنهي, فكذلك أيام منى, فإذا قلنا: لا يجوز صيام أيام التشريق أتى بها بعدها قضاء. وإذا قلنا: يجوز لها أن يصومها أتى بها في أيام التشريق أداء فإن فاته فيها أتى بها بعدها, وكان قضاء, فكان آخر وقت الأداء قولين, ففي القديم وقت الأداء إلى آخر أيام التشريق.

وفي "الجديد": إلى آخر يوم عرفة.

فَرْعٌ

لو وجد المتمتع الهدي بعد العدم, فإن وجَده بعد الفراغ من الصوم لم يلزمه ذبحه, وإن وده وهو في الصوم, فلا فصل له أن ينتقل إلى الهدي, فإن مضى في صومه أجزأه كما يقول في المتيمم إذا رأى الماء في صلاته يمضي فيها, ولا فرق بين أن يجده في أثناء صوم الثلاثة, أو في أثناء صوم السبعة. وبه قال مالك وأحمد في روايته, وقال المزني: يلزمه العود إلى الهدي بكل حال, وقال أبو حنيفة: إن وجده في صوم الثلاثة يلزمه العّود إلى الهدي, وإن وجده في صوم السبعة لا يلزمه العَود إلى الهدي, لأن صوم الثلاثة بدل عن الهدي دون صوم السبعة, وهذا غلط لأن الله تعالى جعل جميع العشرة بدلاً عن الهدي لأنه أوجبها عند عدم الهدي, فلا يلزمه الخروج منه بوجود الهدي كالسبعة. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لو وجد الهدي بعد أن صام الثلاثة [٥١/ أ] قبل يوم النحر يلزمه العود إليه


(١) أخرجه البخاري (١٩٩٧, ١٩٩٨) , والدارقطني (٢/ ١٨٦).
(٢) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٥٧) , والبهيقي (٤/ ٢٠٨).
(٣) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>