للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال أحمد, وهذا غلط لأن التفريق في الأصل من ناحية الفعل دون الوقت لأنه قيل له: صم الثلاثة قبل الفراغ من الحجّ وصُم السبعة بعد العود إلى الوطن وعوده فعل من جهته قد يعود في مدة يسيرة, ومدة كثيرة, وما كان مستحقًا من ناحية الفعل يفوت بفوات الوقت كترتيب أفعال الصلاة. فإذا قلنا بالقول الأول يصوم كيف شاء, ولو قدم السبعة على الثلاثة يجوز.

وقال والدي: فيه وجهان, والأصحّ ما ذكرت. وإذا قلنا بالقول الثاني, وهو الصحيح, يجب التفريق بينهما بالمقدار الذي كان يفرق بينهما بالأداء, وذلك مبني على القولين في صوم السبعة, والقولين في صيام أيام التشريق, فإن قلنا بقوله الجديد: إن صيام التشريق لا يجوز وصوم السبعة لا يجوز إلا بعد الرجوع إلى الوطن وجب التفريق بينهما بأربعة أيام ومدّة السفر. وإن قلنا بقوله القديم: إن صيام أيام التشريق يجوز والرجوع إلى الوطن [٥٣/ أ] وهو المراد وجب التفريق بينهما بقدر المسافة, وإن قلنا: صوم السبعة يجوز بعد الفراغ من الحجّ, وقلنا: لا يجوز صيام أيام التشريق ففرق بينهما بأربعة أيام, وإن قلنا: يجوز صيام أيام التشريق لا يفرق بينهما بشيء لأنه كان يمكنه في الأداء أن يؤخّر صيام الثلاثة, ويصومها في أيام التشريق, ثم يصوم السبعة عقبها من غير فصلٍ.

وهكذا إن قلنا: الرجوع هو الأخذ في السير, وهذه الأقوال كلها مخرجة. ونصّ في "الإملاء" أن أقلّ ما يفرق بينهما بيوم. ثم اختلف أصحابنا في أصل هذا القول, فمنهم من قال: إنما قاله على القول الذي يقول: يجوز للمتمتع صيام أيام التشريق, ويجوز فيها أيضًا, كل صوم له سبب ولصوم السبعة سببٌ ظاهرٌ, فيفصل بينهما بيوم النحر, وهذا خطأ من قائله, لأن صوم السبعة لا يجوز في أيام التشريق بالإجماع, لأنه إنما يجوز بعد الفراغ من أفعال الحجّ, وفي أيام التشريق ففعل بقية أعمال الحجّ, والصحيح أن يقال: نص على هذا القول, وهو أصل في نفسه, ولم ينبه على غيره, ووجهه أنه إذا أوجب التفريق في الأصل وجب في القضاء وأقل التفريق يوم. فحصل في المسألة خمسة أقوال:

أحدهما: لا يفرق بينهما أصلاً.

والثاني: يفرق بيوم.

والثالث: بأربعة أيام.

والرابع: بأربعة أيام وقدر المسافة.

والخامس: يفرق بقدر المسافة فقط.

وذكر بعض أصحابنا بخراسان قولاً آخر: يفرق بينهما بخمسة أيام إذا قلنا: أراد الرجوع إلى مكة في قوله تعالى {إذَا رَجَعْتُمْ} , ولا يجوز صيام أيام التشريق ويوم الرجوع إلى مكة. وهذا ليس بشيء.

فَرْعٌ

إذا قلنا: [٥٣/ ب] التفريق واجب بحسب الترتيب, فلا يجوز السبعة قبل الثلاثة ولو شرع في السبعة, هل يحتسب عن الثلاثة؟ وجهان, كما لو لم يفرق بين السبعة والثلاثة, وقد قلنا يجب التفريق بيوم, هل تحتسب له الأيام الستة؟ وجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>