للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ آخرُ

لو صام هذه العشرة متتابعة من غير تفريق صحت الثلاثة, وأمّا السبعة فمبنيّة على الأقوال الخمسة, فكل زمان لزمه أن يجعله فصلًا بين الصومين لم يصحّ صيامه فيه, فإذا قلنا: لا يجب الفصل بينهما أجزأه الكل, فإن قلنا: يفصل بيوم بطل من السبعة يوم, وإن قلنا: بأربعة أيام بطلت منها أربعة. وإن قلنا: بأربعة أيام, وقدر المسافة, فإن كانت الأربعة, وقدر المسافة سبعة أيام فأكثر لم يصحّ من السبعة شيء, وإن قلنا: بقدر المسافة, فإن كانت المسافة سبع أيام فأكثر لم يصحّ منها شيء, وإن كانت دون السبعة بطل منها بقدر المسافة, وصحّ ما عداه. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يجوز السبعة بحال؛ لأن اليوم الرابع لا يجوز لا محالة, فإذا صام اليوم الخامس فعنده أن اليوم الثاني من السبعة فلم يجزه, ولا يجوز ما بعده على هذا القياس, وهذا ليس بشيء.

وقال الإصطخري: إن صام اليوم السابع بعد صيام الثلاثة أجزأته الثلاثة, والكلام في السبعة وإن نوى السابع صيام الثلاثة عند دخوله فيها لم يجز ويكون فساد نيته قادحًا في صومه. وهذا غلط فاحش لأن طرد الفساد على صوم بعض الأيام لا يقتضي فساد الصوم في غيره. ثم قال المزني: قال (١): فإن لم يصم حتى مات يصدق ما أمكنه, وقد ذكرنا هذا, وقال في "الحاوي" (٢): إذا مات المتمتع قبل [٥٤/ أ] فراغهِ من أركان الحجّ, فإن كان معسرًا لا شيء عليه, وإن مات موسرًا ففي وجوب الدم قولان:

أحدهما: لازم لأن الدم إنما وجب للمتعة بالحجّ, فإذا مات قبل إكمال أركانه لم يكمل الحجّ, فلا دم.

والثاني: وهو الأصحّ يجب الدم, لأنه وجب بدخوله في الحجّ, والدم إذا وجب في الحجّ لم يسقط بموته قبل كماله لدم الوطء.

مَسأَلَةٌ: قالَ (٣): وحَاضرو المسجد الحرام الذين لا متعة عليهم من كان أهله دون ليلتين.

الفَصلُ

القصدُ به بيان حاضري المسجد الحرام من هم؟ وقد قال ههنا: من كان أهله دون ليلتين أي داره من مكة على دون مسافة القصر. وبه قال أحمد, ثم أوضح ذلك, فقال: وهو حينئذٍ دون أقرب المواقيت, أي: أقرب إلى مكة من أقرب المواقيت, لأن أقرب المواقيت فيما قبل هو ذات عرق, وهي على مسافة ليلتين, ثم زاد في "الإيضاح", فقال: ومن سافر إليه, أي: إلى هذا الموضع الذي جعلناه من حاضري المسجد الحرام صلى صلاة الحضر لا يجوز فيه القصر, ثم زاد أيضًا فقال: ومنه يرجع من لم يكن آخر عهده بالبيت حتى يطوف, وأراد أن على من أراد الخروج من مكة أن يودع البيت بالطواف فمن نفر قبل الداع عليه الرجوع ما لم يبلغ سفره مسافة


(١) انظر الأم (٢/ ٥٨).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٩).
(٣) انظر الحاوي للمارودي (٤/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>