للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأفضل لهما أن لا تحرما حتى يطهرا حتى يجمعها بين التنظيف ورفع الحدث، وتكون كل واحدة منهما على أكمل حالها عند الإحرام. ويستحب للرجل والمرأة أن يتأهبا لحلق الشعر وتقليم الظفر وتنظيف الجسد لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتأهبوا للإحرام بحلق شعر العانة ونتف الإبط وقص الشارب والأظفار وغسل الرأس. ووردت عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بأشنان وخطمي" (١) فإن لم يجد من أراد الإحرام الماء تيمم لأن التيمم ينوب عن الغسل الواجب فناب عن الغسل المسنون، وإن وجد ما يكفيه للوضوء ولا يكفيه للغسل توضأ.

وقال في "الأم" (٢) الاغتسال في الحج سبعة للإحرام ولدخول مكة وللوقوف بعرفة [٦٢/ب] وللوقوف بمزدلفة ولري الجمار في أيام منى الثلاثة. ولا يغتسل لجمرة يوم النحر لأن رمي أيام منى بعد الزوال في وقت اشتداد الحر والعرض وازدحام الناس، ورمي جمرة العقبة من حين منتصف الليل من ليلة النحر إلي آخر النهار، ومن يوم النحر وإنما يسن في أول النهار قبل أن يشتد الحر وتعرق الأبدان، ولا يكاد الناس يجتمعون لها بل يتفرقون، ولا يستحب له الغسل نص عليه.

وقال الشافعي (٣): وأستحب الغسل بين هذا عند تغيير البدن بالعرق وغيره تنظيفا للبدن. وزاد الشافعي في "القديم" ثلاثة اغتسالات لطواف الزيادة وللحلق ولطواف الصدر. حكاه القاضي الطبري وغيره، ولم يذكر أبو حامد عن "القديم" الغسل للحلق.

مسألة: قال (٤): ويتجرد ويلبس إزازًا ورداء أبيضين.

إذا فرغ من الاغتسال تجرد عن الثياب المخيطة، وذاك ما يخاط علي قدر الملبوس عليه مثل القميص والسراويل والجبة، ونحو ذلك، ويلبس ما ليس بمخيط وهو ما لا جيب له ولا كمين كالإزار، والرداء ويجب عليه كشف رأسه، فلا يلبس عليه مخيطًا، ولا غيره، والأصل في ذلك ما روى ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يجتنب المحرم من الثياب، فقال: "لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا العمامة ولا ثوبًا مسه الورس ولا الزعفران (٥) ويلبس إزازًا ونعلين (٦) ولا يلبس الخفين إلا أن لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكمين"، وإذا لبس الإزار، وهو المئزر والرداء يستحب أن يكون الأبيض، [٦٣/أ] لأنه أحب الثياب إلي الله تعالى.

قال: والجديد أحب إليّ من المغسول فإن لم يكن جديدًا ليس مغسولًا، ويلبس نعلين فإن لم يجد مشى حافيًا إلا أن يريد الترخيص فيذكر حكمه. وقيل: السنة أن يحرم في إزاز ورداء ونعلين لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يلبس إزازًا،


(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٢٦).
(٢) انظر الأم (٢/ ١٢٥).
(٣) انظر الأم (٢/ ١٢٥)
(٤) انظر الأم (٢/ ٦١).
(٥) أخرجه البخاري (١٥٤٢)، ومسلم (١/ ١١٧٧).
(٦) أخرجه أحمد (٢/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>