للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرمًا بحج، كان حاجًا لا غير، وكذلك لو كانا معتمرين كان محرمًا بعمرة واحدة.

فرع أخر

لو قال: أنا محرم غدا أو رأس الشهر يجوز كما جاز تعليقه بإحرام فلان، وعلى هذا قال أصحابنا: لو قال: أحرمت يومًا أو يومين ينعقد مطلقا كالطلاق، ولو قال: أحرمت بنصف نسك كامل كما لو قال: أنت طالق نصف طلقة.

فرع أخر

هل الأفضل له عقده مطلقًا أو معينًا؟ قال في "الأم": وهو المذهب عقده معينًا أفضل،

لأن التعيين [٧٦/ أ] مستحق في سائر العبادات، وأشار في "الإملاء" إلى أن الإطلاق أولى، قال القاضي الطبري: هذا لا يعرف. والمسألةُ على قول واحد، وقال غيره: فيه قولان. وجه ما قال في " لإملاء": أنه أحوط؛ لأنه إن كان الوقت ضيقًا، وخاف فوت الحج صرفه إلى العمرةَ وإن كان الوقت واسعًا اعتمر دفعات، ثم حج، وإذا عين بالحج يمكنه هذا. قال طاوس: أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسمّ حجًا ولا عمرةً وجه ما قال في " لأم "ما روى جابر وابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالحج وكذلك أصحابه عينوا الإحرام، وخبر طاوس مرسل، وروايةَ جابر أولى والاحتياط ممكن بأن يحرم بالعمرة، ثم إن شاء تمتع وإن شاء قرن، وإن شاء اقتصر عليها ثم حج في وقت آخر.

فرع أخر

إذا عين هل يستحب له إظهار ما نواه بلسانه؟ اخلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: لا يستحب إظهاره نطقًا، وهو قول الشافعي في عامةِ كتبه. قال أحمد لما روى جابر قال: لم يسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجًا في تلبيته ولا عمرةً قط. وروي أن ابن عمر سمع رجلًا يقول: لبيك بحجّة، فضرب في صدره وقال: يعلم الله ما في نفسك، ولأن التلبيةَ ذكر الله تعالى وتسمية ما نواه ليس بذكر الله تعالى، فالاقتصار على ذكر الله تعالى أولى، ولأنه أبعد من الرياء ومنهم من قال: يستحب إظهاره نطقًا ليكون أبعد من النسيان، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بالعقيق: "أتاني الليلةَ آتٍ من ربى وقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل حج وعمرةٍ (١)،، ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأنه أراد أن يبين أن العمرة دخلت في الحج، [٦٧/ ب] وأما النسيان، فيبطل سائر العبادات التي لا يستحب إظهارها باللسان.

مسألة: قال (٢): وإن لبّى بأحدهما فنسيه، فهو قارن.

إذا أحرم بشيء ثم نسي بماذا أحرم فإن ذكر أنه أحرم بشيئين، ولا يعلم عينهما انعقد إحرامه بالقران، وإن لم يعلم هل أحرم بحج أو عمرةً أو بهما؛ فيه قولان، قال في "القديم ": استحب له أن يقرن فإن تحرى رجوت أن يجزئه إن شاء الله فقد أجاز له


(١) أخرجه باري (٢/ ١٦٧)، وأبو داود (١٨٠٠)، وأحمد (١/ ٢٤)، وابن خزيمة ((٣٦١٧)).
(٢) انظر الأم (٢/ ٦٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>