للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استمتاع متكرر منع المحرم منه ولم يتخلله التفكير فيوجب أن يتداخل كما لو توالى في مكانٍ واحدٍ.

والثاني: قاله في "الجديد" أنه لا يتداخل ويلزمه لكل واحدٍ فدية، وهو الصحيح لأنها أفعال تفرقت في أوقاتٍ لو انفرد كل واحدٍ منها لزمته الفدية، فإذا اجتمعت وجبت الفدية لكل واحدٍ كما لو كفّر عن الأول.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن كانت في مجلس واحدٍ وجبت فدية واحدة، [٨١/ أ] وإن كانت في مجالس وجبت لكل واحدة كفارة سواء كفر عن الأول أو لم يكفر إلا أن يكون تكراره لأمر واحدٍ، وهو أن يكون تكراره لأمر واحدٍ، وهو أن يكون لرفض الإحرام، أو لمرض واحد أو لحاجة واحدة حتى قال: لو قتل صيودًا بنية رفض الإحرام يكفيه جزاء واحد وهذا غلط لما ذكرناه، ومن أصحابنا من قال: هذا إذا كان سبب الحاجة واحدًا فإن كان أسبابًا مختلفة، فكل موضع، قلنا: في السبب الواحد تلزم فدية واحدة، ففي الأسباب وجهان:

أحدهما: تجب فديات لأن اختلاف الأسباب يجري مجرى اختلاف الأجناس والأسباب المتفقة أن يلبس مرات لشدّة حر أو برد والأسباب المختلفة أن يلبس لشدّة حرّ ثم أصابته حمى ورعدة فاحتاج أن يلبس للبرد رأسه جراحة، فاحتاج إلى ستر رأسه للمعالجة ونحو ذلك وهذا غير صحيح. وليس للشافعي ما يدلّ على هذا.

وقال بعض أصحابنا: هذا على ثلاثة أضرب:

أحدهما: ما هو إتلاف يضمن بمثله وهو قتل الصيد فحكمه ما ذكرنا.

والثاني: ما ليس بإتلاف كالاستماع واللبس فحكمها ما ذكرنا.

والثالث: ما هو إتلاف لا يضمن بالمثل كحلق الشعر وتقليم الأظفار، وإن كان في مجالس تجب كفارات قولًا واحدًا سواء كفّر عن الأول أو لم يكفّر ذكره أبو حامد لأن هذا إتلاف، فلا يتداخل حكمه لقتل الصيد ولا يلزمه إذا كان في مجلس واحد لأنه لا يتداخل، ولكنه واحدٌ فيجب فدية واحدة، ولهذا لو حلف فقال: والله، لا حلقت رأسي اليوم إلا مرة فحلق من أول النهار [٨١/ ب] إلى آخره متواليًا لا يحنث، وأيضًا الحلاق وتقليم الأظفار أخذ شبهًا من قتل الصيد في أنه إتلاف وأخذا شبهًا من الاستمتاع لأن ما يجب به لا يجب عن طريق البدل فألحقنا بهما، فقلنا: إنه إذا كان متواليًا في مجلس لا تجب إلا فدية واحدة، وإذا تفرق يلزم فديات.

فَرْعٌ

اللباس والطيب جنسان نص عليه الشافعي، فلا يتداخل حكمهما بحال، وقال ابن أبي هريرة: يتداخل لأنهما من جنس الاستمتاع، وهذا غلط لأنه يقصد بهما أمران مختلفان، ولو جاز أن يقال هذا لجاز أن يقال: الحلق وتقليم الأظفار جنس واحد لأنهما إتلاف، وأجمعنا على أنهما جنسان وقال بعض أصحابنا بخراسان فيه قولان وهو غلط.

فَرْعٌ آخرُ

لو أبيح جنسان لحاجة واحدة مثل أن يمرض، فاحتاج إلى المداواة باللبس والطيب تجب فديتان قولًا واحدًا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>