للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صلبه وسخ وهو محرم، فاغتسل وأمر بقلع الوسخ عنه (١)، فإذا تقرر هذا، قال الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (٢): إن كان يريد الاغتسال لتبرد أو تنظيف لم يحرك شعره بيده ويدلّك جسده بالماء [٩٤/ب] لينقيه ويذهب بغيره لأن شعر بدنه لا ينتف بالدلك، وإذا غسل رأسه أفرغ الماء عليه إفراغًا، فإن حرك شعره بيده رجوت أن لا يكون عليه فيه ضيف وإن كان يريد غسله من جنابة أن يغسله ببطون أنامل يديه ويشرب الماء عليه إفراغًا، فإن حرك شعره بيده رجوت أن لا يكون عليه فيه ضيق وإن كان يريد غسله من جنابة أن يغسله ببطون أنامل يديه ويشرب الماء أصول شعره ولا يحكه بأظفاره، ويتوفي أن يقطع منه شيئًا فإن حركه تحريكًا خفيفًا أو شديدًا، فخرج في يده من الشعر شيء، فالاحتياط أن يفديه، ولا يجب عليه حتى يستيقن أنه قطعه أو نتفه بفعله لأن الشعر قد ينتف ويتعلق بين الشعر فإن غسل وحك خرج المنتف، وكذلك هذا في لحيته، ومن أصحابنا من ذكر وجهًا أنه تلزمه الفدية، لأنه وجد منه سبب في الظاهر والأصل بقاء الشعر في منبته وإن زال بسبب غسله. وحكي عن مالك أنه كره تغييب الرأس في الماء لأنه يشبه تغطيته بالثياب، وهو غلط لما ذكرنا. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لابن عباس رضي الله عنهما: تعال حتى أباقيك في الماء أيّنا أطول نفسًا وهما محرمان (٣).

فرع

يجوز أن يغسل رأسه بالسدر والخطمي وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك، ولو غسله بالخطمي يلزمه الفدية، واحتج بأن الخطمي تستلذّ رائحته، ويزيل الشعث ويقتل الهوام فتجب به الفدية كالحناء، وهذا غلط لأنه ليس بطيب، ولا يحصل به ترجيل الشعر، فلا يمنع منه المحرم كالاغتسال بالماء. وقولهم: يستلذّ رائحته يبطل بالفواكه ولا تستلذّ رائحته غالبًا، وقولهم: يزيل الشعث باطل بالماء وقتل الهوام به لا يعلم، والأصل غير مسلم.

فرع آخر

قال في "الأم" (٤): ولا يغسل رأسه بسدر ولا خطمي لأن ذلك يرجله، فإن فعل أحببت أن يفتدي، ولا أوجبه عليهِ وظاهر هذا أنه يكره له ذلك.

فرع آخر

قال الشافعي (٥) رضي الله عنه: [٩٥/أ] لا أكره له دخول الحمام لأنه غسل، والغسل مباح للطهارة والتنظيف، وقال في "القديم": أكره له دخول الحمام لأنه يذهب القشف، وهذا غلط لما ذكرنا.

فرع آخر

لا بأس للمحرم والمحرمة أن ينظرا في المرآة. وقال في سنن حرملة: يكره لها


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩١٣٨).
(٢) انظر الأم (٢/ ١٢٥).
(٣) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩١٣٤).
(٤) انظر الأم (٢/ ١٢٥).
(٥) انظر الأم (٢/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>