للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وقال عطاء الخراساني: يكره ذلك بكل حال، وقال مالك: يكره إلا لحاجة، وهذا غلط لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينظر في المرآة وهو محرم (١).

مسألة: قالَ (٢): ولا بأس أن يقطع العرق ويحتجم ما لم يقطع شعرًا أراد بقطع عرق الافتصاد، وهو مباح كالحجامة.

وقال مالك: يمنع المحرم من الحجامة لأنه يقطع شعرًا، وبه قال ابن عمر والحسن، وهذا غلط لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بلحى جمل وهو محرم في وسط رأسه (٣)، وهذا تنبيه على الفصد وبسط الجرح وقطع السلم من جسده والإحسان، ونحو ذلك، فإن حجّ أقلف أجزأه نصّ عليه، ولو قطع فيما ذكرنا شعرًا يلزمه، وقال محمد: لا شيء عليه إذا حلق موضع الحجامة، وهذا غلط لظاهر الآية التي ذكرناها له أن يغسل ثيابه وثياب غيره.

مسألة: قالَ (٤): ولا يُنكح المحرم ولا يَنكح.

الفصل

الإحرام يمنع النكاح، فلا يجوز للمحرم أن ينكح، ولا للمحرمة أن تتزوج، ولا يجوز للمحرم أن يزوج الغير لا بالولاية ولا بالوكالة، فإن نكح أو أنكح كان باطلًا، وفرق بينهما، فإن كان قبل الدخول بها، فلا شيء عليه، وإن كان بعد الدخول بها، فلها مهر مثلها، وعليها العدة، فإن تحلل من إحرامه قبل انقضاء عدتها، قال الشافعي: كرهت له أن يتزوج بها في هذه العدة لأنها عدة من وطء محرم، فإن تزوج بها كان النكاح صحيحًا لأنها معتدة [٩٥/ب] من مائه. وروي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق رضي الله عنهم، وقال أبو حنيفة والثوري والحكم: الإحرام لا يمنع النكاح بحال، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وحكي عن مالك أنه يحرم عليه النكاح، ولكن لو نكح انعقد، فيجبر على المفارقة، ولا يحلّ بذلك للزوج الأول، وهذا غلط لما روي أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان بن عفان، وأبان يومئذٍ أمير الحاجّ وهما محرمان إني أردت أن أنكح طلحة بن عمر بن شيبة بن جبير وأردت أن تحضر ذلك، فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: سمعتُ عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم، ولا يُنكح" (٥)، وروى الدارقطني بإسناده عن


(١) أخرجه مالك (٧٩٨)، والبيهقي في "الكبرى" (٩١٤٤)، وفي "معرفة السنن" (٢٨٧٧)، موقوف على ابن عمر من فعله.
(٢) انظر الأم (٢/ ٧٢).
(٣) أخرجه البخاري (٥٦٩٨)، ومسلم (٨٨/ ١٢٠٣).
(٤) انظر الأم (٢/ ٧٢).
(٥) أخرجه مسلم (٤٥/ ١٤٠٩)، وأبو داود (٨٤١)، والنسائي (٢٨٤٢، ٢٨٤٣)، وأحمد (١/ ٩٢)، والبيهقي في "الكبرى" (٩١٥١)، وفي "معرفة السنن" (٢٨٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>