للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يضعها على الركن ثم يقبّلها كأنه ينقل بركته إلى نفسه، وهذا غريب.

وقال الشافعي (١): لم أعلم. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قبّل الحجر الأسود، وروي الخرقي (٢) عن أحمد أنه يقبّله، وهو غلط لما ذكرنا، وقال أبو حامد: إن كانت للبيت أربعة أركان، الركن الأسود ويسمى أسود لأن الحجر الأسود فيه، والركن الثاني والثالث يليان الحرج، والميزاب بينهما نصب إلى الحجر، وهما الشاميان، والرابع اليماني، ومن الناس من قال: الثاني العراقي، والثالث الشامي، وليس كذلك، بل هما الشاميان، هكذا سماهما في "الأم"، لأن الميزاب إلى الشام، وليس كذلك، بل هما الشاميان، هكذا سماهما في "الأم"، لأن الميزاب إلى الشام، وقبلة المدينة إلى الميزاب، والمدينة بين مكة والشام، وباب البيت بين الأسود والثاني، وهو إلى الأسود أقرب والملتزم بين الحجر والباب فالأول قبلة خراسان، وباب البيت قبلة العراق، واللذان يليان الحجر قبلة الشام، واليماني قبلة اليمن.

فرع

لا يستلم الركن العراقي ولا الشامي، أو الشاميين، وهما الركنان اللذان بينهما الحجر. وبه قال جماعة العلماء لما ذكرنا من خبر ابن عمر، وقال أبو الطفيل كنت مع ابن عباس ومعاوية، فكان معاوية لا يمرّ بركن إلا استلمه، فقال له ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستلم إلّا الحجر الأسود، والركن اليماني، فقال معاوية: ليس في البيت شيء مهجور (٣).

وأجاب الشافعي (٤) بأن من طاف بالبيت فما هجره لأن ما بين الركنين لا يستلم، وليس بهجران، وروي عن جابر أنه كان يستلم الأركان كلها. وقد قال ابن عباس: لم يستلم [١٠٥/أ] رسول الله صلى الله عليه وسلم غير الركنين اليمانيين (٥)، فالصحيح هذا، والفرق ما قال ابن عمر رضي الله عنهما: أن الركنين اليمانيين على قواعد إبراهيم عليه السلام بخلاف الركنين الآخرين، فكانت لهما فضيلة على غيرهما.

فرع آخر

يستحب أن يكبَر عند الركن اليماني، ويدعو. وروي ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على الركن اليماني ملكان موكلان يؤمنان على دعاء من يمرّ به وعلى الأسود ما لا يحصي" (٦). ويختار أن يكون من دعائه ما روى سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مرّ بالركن اليماني يقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر والذلّ وفي مواقف الخزي في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فقال رجل: يا رسول الله أقول هذا وإن كنت مسرعًا؟ قال: "نعم"،


(١) انظر الأم (٢/ ١٤٥)
(٢) انظر متن الخرقي (ص ٥٧) ط. دار الصحابة.
(٣) أخرجه البخاري (١٦٠٨)، وأبو داود (١٨٧٤)، والنسائي (٢٩٤٧).
(٤) انظر الأم (٢/ ١٤٦).
(٥) أخرجه البخاري (١٦٠٩)، ومسلم (٢٤٧/ ١٢٦٩).
(٦) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٨٢)، والخطيب في "تاريخه" (١٢/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>