للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجّ والعمرة ووجوب كفارة الوطء فلا تجب بحال، لأنه قد تردد بين أن لا يجب وبين أن يجب وبالشك لا تجب وأما إجزاء الحج والعمرة عن فرض الإسلام، فالعمرة لا تجزئ ويجب قضاؤها لأنها تردد بين أن يكون عارية عن الفساد وبين أن تكون فاسدة، فلا يسقط فرضها بالشكّ، وإن لم تكن العمرة واجبة عليها. قال بعض أصحابنا: لا يلزمه قضاؤها للشكّ في سبب القضاء، وقال أكثرهم: يجب قضاؤها للشكّ في إحرامها، وأما الحجّ، فيه وجهان مبنيان على اختلاف الوجهين هل يكون قارنًا أم لا؟ ثم على اختلاف الوجهين فإذا صار قارنًا هل يلزمه قضاء الحجّ أم لا؟، فإن قلنا: لا يكون قارنًا لم يجزه فرض الحجّ لأنه يتردد بين أن يكون قد أحرم بالحجّ أم لا، وإن قلنا: يكون قارنًا، فإن قلنا: إن من أدخل الحج على عمرة فاسدة يلزمه قضاء الحجّ والعمرة لم تصحّ حجّة الإسلام لأنه تردد بين أن يكون حجّ حجًا صحيحًا وبين أن يكون قد حجّ حجًا فاسدًا، فلذلك لم يجز، وإن قلنا: إن من أدخل الحجّ على عمرة فاسدة لم يلزمه قضاء الحجّ أجزأه ذلك عن حجّة الإسلام، لأنه تردد بين أن يكون قارنًا فيصحْ حجّه وبين أن يكون متمتعًا فيصحّ حجّه أيضًا، فيكون فرض الحجّ على هذا الوجه ساقطًا بيقين.

مسألة: قالَ (١): وإن طاف فسلك الحجر أو على جدار الحجر، أو على شاذروان الكعبة وفي نسخه أو على شذروان الكعبة لم يعتد به.

أراد بالحجر موضعًا شبه الخطيرة على يسار البيت [١١٤/أ] الحرام مما يلي الشام بين الركنين الشاميي والعراقي حظر حوله بجدار قصير، وقيل: إنه قدر ستة أذرع من الحجر كان من جملة البيت، فأخرج منها لقصر البقعة بهم. قال الشافعي: سمعت عددًا من أهل العلم من قريش يذكرون، أن من الكعبة في الحجر نحو ستة أذرع. وقال عددًا من أهل العلم من قريش يذكرون، أن من الكعبة في الحجر نحو ستة أذرع. وقال أبو حامد: ست أذرع أو سبع أذرع. والصحيح ما ذكرنا بلا إشكال، وأما جدار الحجر هو الجدار القصير الذي حظر به حوله، وأما شذروان الكعبة. قال المزني هو تأزير البيت. قال أبو حامد: لا يفهم معناه بل هو أساس البيت العالي عن وجه الأرض لأنه وضع على قواعد إبراهيم عليه السلام، فلما علا عن وجه الأرض بقدر شبر اقتصر بحائط الكعبة عن كل الأساس، وترك بعض الأساس خارجًا عن الحائط على عادة الأبنية فهو الذي يسمى شاذروان الكعبة ولا يعجز الرجل عن أن يصعده، فيمشي عليه، والدليل على هذا ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم"، فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال: لولا حدثان قومك بالكفر لرددتها على ما كانت عليه، وروي: "ولبنيتها على قواعد إبراهيم وألصقها بالأرض ولجعلت له بابين بابًا شرقيًا يدخل الناس منه وبابًا غربيًا يخرج الناس منه". وروت أنها قالت: يا رسول الله وما دعاهم إلى إخراج بعض البيت إلى الحجر؟ فقال: قصرت بهم النفقة، قالت: فلم رفعوا الكعبة عن الأرض؟ قال: ليأذنوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا"، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم:


(١) انظر الأم (٢/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>