للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ آخرُ

يختار أن يدعو عقيبهما [١١٨/ أ] لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم عمد إلى مقام إبراهيم فصلّى خلفه ركعتين، ثم قال: «اللهم هذا بلدك ومسجدك الحرام وبيتك الحرام، أنا عبدك ابن أمتك أتيتك بذنوب كثيرة وخطايا جمّة وأعمال سيئة وهذا مقام العائذ بك من النار فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنك دعوت عبادك إلى بيتك الحرام وقد جئت طالبًا رحمتك مبتغيًا مرضاتك وأنت مننت عليّ بذلك فاغفر لي وارحمني، إنك على كلّ شيء قدير».

مَسْألَةٌ: قالَ (١): ثم يعود إلى الركن، فيستلمه.

الفَصْلُ

إذا فرغ الطائف من الركعتين يعود إلى الركن فيستلمه يعني الحجر الأسود حتى يودّع بالاستلام، ثم يخرج، وهذا أن ممن خرج مكّة أمر بأن يجعل آخر عهده بالبيت، ولا يستلم اليماني الآن والدليل عليه ما ذكرنا من الخبر.

فَرْعٌ

قال في «الحاوي» (٢): ويستحبّ أن يأتي الملتزم فيدعو عنده. روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين الركن والمقام ملتزم من دعا من ذي حاجة أو ذي كربة أو ذي غمّ فرّج عنه بإذن الله» (٣) ويختار أن يلصق صدره ووجهه بالملتزم وهو ما بين الحجر الأسود والباب في وجه الكعبة وليكن من دعائه ما روى بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إنك تعلم سرّي وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم حاجتي، فأعطني سؤالي وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي أسألك إيمانًا يباشره قلبي ويقينًا صادقًا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبته عليّ وأرضني بقضائك لي» (٤).

وكان سعيد بن جبير يستحبّ أن يدعو في الملتزم بين الحجر والباب: رب اغفر لي ذنوبي وقنّعني بما رزقتني وبارك لي واخلف على كل عاقبة بخير.

فَرْعٌ آخرُ

وقال أيضًا (٥): يختار أن يدخل [١١٨/ ب] الحجر ويدعو تحت الميزاب. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يدعو عن الميزاب إلا استجيب له» (٦). وقال الحسن: أقبل عثمان رضي الله عنه ذات يوم، فقال: لأصحابه ألا تسألوني من أين جئت. قالوا: ومن أين جئت يا أمير المؤمنين؟ قال: ما زلت قائمًا على باب الجنة، وكان قائمًا تحت الميزاب يدعو الله عنده. وروي أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا حاذى ميزاب الكعبة، وهو


(١) انظر الأم (٢/ ٧٩).
(٢) انظر الحاوي للماوردي (٤/ ١٥٤).
(٣) أخرجه الطبراني كما في «مجمع الزوائد» (٣/ ٢٤٦)، وقال الهيثمي: «فيه عبادة بن كثير الثقفي وهو متروك»، وابن عدي في «الكامل» (٤/ ١٦٤١).
(٤) أخرجه ابن عساكر في «تهذيب تاريخ دمشق» (٢/ ٣٥٨).
(٥) انظر الحاوي للماوردي (٤/ ١٥٥).
(٦) انظر إتحاف السادة المتقين (٤/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>