بالإجماع لظاهر الآية، والنص يقتضي الفساد، ولأن كل عبادةً حرمت الوطء وغيره كان الوطء فيها مزيةً ولا مزيةً ههنا إلا الفساد، لأن البدنةً قد تجب بغير الوطء، وهو بقتل النعامةً وتجب الكفارة به لما روي عن علي وابن عمر وابن عباس وعبداه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أنهم أوجبوا فيه الكفارة، وقالوا: يقضي من قابل فلأنه، إذا وجبت الكسارة في الحلق، فلان تجب في الوطء أولى، وعندنا هذه الكفارةَ بدنةً، وقال أبو حنيفة: يلزمه، لأن القضاء والبدنةَ تغليظان، فلا يجتمعان، وهذا غلط؛ لأنه وطء عمد صادف إحرامًا تامًا، فيلزم به بدنةَ كما لو كان بعد الوقوف، وإن كان بعد الوقوف قبل التحلل الأول فد حيه أيضًا، ويلزمه القضاء والبد نة، وبه قال مالك وأحمد وقال أبو حنيفة: لا يفسد حجه، ويلزمه بدنةً، وهذا غلط؛ لأنه وطء عمد صادف إحرامًا تامًا فأفسده كما لو كان قبل الوقوف، ولو أحرم مجامعًا. قال بعض أصحابنا فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا ينعقد.
والثاني: ينعقد فاسدًا، ويلزمه المضي فيه.
والثالث: ينعقد صحيحًا ثم فسد عند الاستدامة، فإذا تقرر هذا لا يخرج عنه الإفساد، ل يكون عبد الإحرام باقيًا، وعليه أن يمضي فيه على الوجه الذي كان يمضي لو كان صحيحًا، ولكنه لا يجزئه عن فرضه، وعليه أن يقضيه، وقال داود: يخرج منه بالفساد، ولا يلزمه المضي فيه، وهذا غلط لما [(١٦٥) /أ] روي عن عمر وعلي وابن تماس وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهم قالوا: من أفسد حجّه مضي في فاسدةُ، ويقضي من قابل، ولا مخالف لهم، ولأنه معنى يتعلق به وجوب قضاء الحج، فلا يخرج منه كالفوات، فإن قيل: إذا أوجبتم المضي فيه، فلم أوجبتم القضاء؟ قلنا: لأنه لم يأت, به على الوجه الذي لزمه بإحرامه، وهو كما لو ضاق عليه وقت الصلاةً، ولم يجد ماء يتطير به يأتي بها على الإمكان ثم يعيدها.
فرع
هذا القضاء هل يجب على الفور أم على التراخي؟ اختلف أصحابنا فيه، فمنهم عن قال: يجب على الفور في أول حال الإمكان، وهو آن يقضيه من العام القابل وهذا ظاهر مذهب الشافعي؛ لآن الذي أفسده كان قد يضيق عليه بالدخول فيه، فيلزمه قضاؤه مضيقًا، ولما ذكرنا من الأثر من الصحابةَ، ومنهم من قال: هو على التراخي لأن أداءه كان على التراخي، فكذلك قضاؤه كما في الصوم المنذور، وهذا ضعيف، لأن الصوم المدور على التراخي قبل الشروع، وههنا شرع فيه وتعين والخفاء بدله، وعلى هذا الوجهين إذا أرادت قضاء الحجّ، هل للزوج منعها؟.
فرع أخر
لو وطاء بعد التحلل الأول لا يفسد حجّه. وقال مالك وأحمد: يفسد ما بقي من حجّه، ولا يفسد ما مضى، فيلزمه قضاء عمرةً من التنعيم، لأن الباقي من حجّه طواف وسعي وحلاق، وذلك عمرةً، وهذا غلط لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال مثل قولنا. وآما ما ذكروا لا يصح، لأنه لو جاز ذلك لجاز آن يقال: إذا وطء قبل