للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقوف يفسد باقي الحج دون ماضيه، ولأنه وطاء بعد التحلل الثاني.

فرع آخر

تلزمه الكفارةَ وإن لم يفسد به حجّه، لأنه وطء ممنوع منه لحرمةُ الإحرام، فتجب به الكفارة [١٦٥/ب] كما لو وطاء قبل التحلل.، واختلف قول الشافعي في قدر الكفارةً، قال في أحد القولين: تجب بدنةً وبه قال مالك وأحمد، وروي ذلك عن ابن عباس، ولأنه وطء ممنوع منه لحرمةَ الإحرام، فيوجب بدنةَ كما لو كان قبل التحلل، والقول الثاني تجب شاةً، لأنه استمتاع لا يفسد الحج فلا تجب به بدنةً كالاستمتاع دون الفرج. وقيل: إن هذا قول مخرج، وليس بمنصوص.

مسألة (١): قال: وسواء وطاء مرةً أو مرتين، لأنه فساد واحد.

أراد بهذا أن الفاسد لا يفسد والفساد لا يتكرر، وهذا لا يختلف القول فيه إن كانتا وطئاته في مكان واحد حالةً واحدةً، فإن كانت في أماكن فئد ذكرنا حكمه، فيما سبق.

وقال مالك: لا يجب بالوطء الثاني شيء، وقال أحمد: إن كفر عن الأول يجب بالثاني بدنةً، والدليل على مالك أنه وطء صادف إحرامًا لم يتحلل منه شيء، وجب الكفارةً كما لو كان الإحرام صحيحًا.

مسألةً: قال: ويحج من قابلٍ بامرأته ويجزئ عنهما هدي واحد.

قد ذكرنا حكم الوطء فيه قبل التحلل الأول، ولا فرق بين أن يكون حجه واجبًا أو تطوعًا، لأنه إن كان واجبا، فالفاسد لا يجوز عن الواجب، وإن لم يكن واجبًا، فقد لؤمه بالدخول فيه وصار واجبًا عليه، فإذا أفسده أفد واجبًا بخلاف ما لو أفسد سائر العبادات المطيع به لا يلزمه قضاؤه، لأنه لا يلزم بالدخول فيه ولفظه ههنا يقتضي وجوب القضاء على الفور، ولو أخره يأثم ثم إن كان وطاء زوجته، وهي محرمةً يلزمها القضاء أيضًا، وهل يلزمه أن ينفق عليها في الحجّة التي يقضيها؟ أعني ما بين نفقةً مقامها وفرط ظاهر المذهب أنه [(٦٦) ا/أ] لا يلزمه ذلك، لأنه لما لم يلزمه الإنفاق عليها في حجّةَ الإسلام كذلك في القضاء، ولأنها تقضي بذلك نسكها، فكانت النفقة عليها، ومن أصحابنا من قال: يلزمه ذلك لأن القضاء أوجبه الوطء، ولا بد فيه من إنفاق المال، وكل حق هو دال وجب بالوطء يتحمله الزوج عن الزوجة ككفارةَ رمضان.

قال في "الحاوي (٢) ": وهذا ظاهر المذهب، وهو كالوجهين في ثمن ماء الاغتسال، وقد قال الشافعي: ويحج بامرأته من قال فأمره بذلك. والأول أصح، ومعنى هذا اللفظ أنه لا يجوز للزوج منعها من القضاء، أو أراد به استحبابًا أنه يوافقها يصح في صحبته، وهل تجب بدنةً واحدة أم بدنتان؟ وهل يتحلل عنها؟ على ما ذكرنا في كفارةَ الجماع في صوم رمضان؟ ومن أصحابنا من قال: يلزمها بدنةً بالوطء قولًا واحدًا، لما روى مجاهد عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "على كل واحدٍ منهما بدنةً"، ويفارق كقارةَ الجماع في الصوم لأن فساد صومها لا يختص بالجماع، لأن الإيلاج يتضمن


(١) انظر الأم (٢/ (٩٤))
(٢) انظر الحاوي للماوردي (٤/ ٢٢١)

<<  <  ج: ص:  >  >>