دخولهم في كل يوم. ومن أصحابنا من قال: المسألة على قول واحدٍ، إنه لا يلزمهم الإحرام. وبعض أصحابنا خرج قولاً آخر لأن الشافعي علّق القول فيه في (المناسك الكبير). وقد قال الشافعي: أحبّ لهم أن يحرموا في كل سنةٍ مرة. وهذا هو الصحيح. ومن أصحابنا من قال: قول واحد لا يرخّص للحطابين، وأول قول الشافعي بخلافه، فقال: ولعل حطّابيهم عبيد، والعبيد لا يلزمهم الإحرام لدخول مكّة لأنهم لا يلزمهم الإحرام شرعاً، فبالدخول أولى أن لا يلزم، وهذا أضعف الطرق.
وقال أبو إسحاق: قال الشافعي في "الإملاء": يحرمون في كل سنة مرّة لئلا يستهان بالحرم. وحكاه أبو حامد أن عليه ذلك. وهذا ليس بمشهور، ولا وجه له لأنه يستحيل أن يجب في وقت دون وقت، ومراده بما ذكر في "الإملاء" الاستحباب على ما نقلناه صريحاً.
فَزعٌ
البريد يتكرر دخوله فمن أصحابنا من قال: هو كالحطابين، ومنهم من قال: إذا قلنا: لا يجب على الحطابين، ففي البريد وجهان، ذكره القاضي الطبري.
مَسْألَةٌ: قالَ (١): ومن دخلها بغير إحرام، فلا قضاء عليه.
إذا أوجبنا عليه الإحرام، فدخل بغير إحرام لا يلزمه القضاء، وقال أبو حنيفة: يلزمه القضاء، فعليه أن يأتي بحجّة أو عمرة، فإن أتى في سنة بحجّة للإسلام، أو حجّة منذورة، أو عمرة منذورة أجزأه ذلك عن عمرة الدخول استحساناً، وهذا غلط لأن هذا مشروع لتحية البقعة، فإذا لم يأتِ به سقط كتحية المسجد، فإن قيل: تحية المسجد لا تجب، قلنا: النوافل المترتبات لا تجب وتقضى، [١٧٧/أ] وإنما سقطت لما ذكرنا لا للوجوب، ومن أصحابنا من علّل، وقال: لا يجب القضاء، لأنه يؤدي إلى أن يتسلسل القضاء، لأنه كلمّا أراد دخولها يجب عليه أن يحرم لذلك الدخول فلا يمكنه دخولها بإحرام القضاء، وهو كم نذر صوم الدهر، فأفطر لا يمكنه القضاء، وكذلك إذا فرّ مسلم من كافرين لا يمكنه القضاء لأنه كلما يلقى كافرين يلزمه الثبات لهما، فلا يمكنه أن يقضي ما تركه من الثبات.
قال صاحب "التلخيص": وعلى هذا لا يقضى إلّا في مسالة واحدة، وهو أن يصير حطاباً من بعد، فيلزمه القضاء، لأنه لا يلزمه الإحرام بالدخول في ظاهر المذهب. وقال القفال: ليس المعنى هذا، بل المعنى ما ذكرنا، وأيضًا الفرض الذي يلزمه لشهود مشهود، فتركه لا يوجب القضاء كالثبات لكافرين، وعلى هذا لا قضاء عليه، وإن صار حطّابًا أيضًا، وأيضًا الدخول إذا كان بإحرام يكفي سواء كان لأجله أو لأجل غيره كالصوم في الاعتكاف وبمثل هذا قلنا إذا فسد القضاء لا يجب عليه قضاءان ويكفيه قضاء واحد.
ومن أصحابنا من قال: وهو الأقيس نأمره بالقضاء على قولنا: إنه واجبٌ، ويدخل حقّ الدخول الجديد في القضاء كمن دخل مسجدًا فقضى فائته حصلت به تحية المسجد، كما قال أبو حنيفة. ومن أصحابنا من قال: تحقيق المذهب أن الإحرام إنما يجب على أحد القولين على من أراد الدخول فيقال له: إن أردت الدخول فأحرم كما