والإجارة تفتقر إلى تعيين الأجير، والأجير غير معين ههنا. وقال أبو إسحاق: غلط المزني في هذا. والصحيح أنه يستحق المائة، وأخطأ المزني حيث ظن أنه إجارة وهي جعالة، وليست بإجارة، والجعالة تفتقر إلى تعيين المجعول، ألا ترى أنه لو قال: من جاء بعبدي الآبق من البلد الفلاني فله مائة درهم، فبادر واحد، وجاء به استحق المائة؟ وان لم يكن المجعول له معينا كذلك ههنا.
فرع آخر
تعيين وقت الإحرام لا يشترط في الإجارة، لأن الشرع بين وقته، فلو قال: استأجرتك لتحج عني هذه السنة على أن تحرم من أول يوم من شوال جاز ويلزمه كما لو نذر لأن فيه زيادة قربة، وعلى هذا إذا أفسده يلزمه في القضاء أن يحرم من أول يوم من شوال، ذكره القاضي الحسين.
فرع آخر
لا يحتاج إلى بيان الأعمال إذا كانا عالمين [١٨٦ / أ] بتفصيل أعمال الحج، وإن كانا جاهلين، أو أحدهما لا يجوز، لأنه مجهول.
فرع آخر
لو قال: من حج عني أو اعتمر فله مائة درهم فحج عنه رجل أو اعتمر استحق المائة، لأن في الجعالة يجوز أن يكون العمل مجهولاً، نص عليه ذكره القاضي الطبري.
فرع آخر
أي وقت يجوز الاستئجار؟ وعليه فهو مبني على عقد الإجارة في غير هذا الموضع والإجارة ضربان معينة، وفي الذمة فالمعينة أن يقول: أجرتك داري هذه شهراً بعشرة من وقتي هذا، فمتى مضى شيء من المدة قبل القبض انفسخ منها بقدر ما مضى منها، وإن مضى كلها زالت الإجارة. وأما التي في الذمة، فأن يقول: استأجرتك لتخيط لي كذا وكذا، أو تحمل لي كذا وكذا، فهذه تقتضي أن يكون العمل معجلاً، فإن تأخر العمل لم يقدح في الإجارة، ويصح أن يسلم في المنافع أيضاً، فيقول: أسلمت إليك هذا في ظهر تحملني عليه إلى مكة بكذا، فإذا ثبت هذا، فالإجارة المعينة في الحج أن يقول: استأجرتك لتحج عني بنفسك أو لم يقل: بنفسك، فإن قوله: لتحج عني يقتضي فعله دون فعل غيره، فهذه إجارة متعلقة بفعله بعينه فيجب تعجيل تسليمه في السنة الأولى، وان شرط أن يحج في سنته كان تأكيداً كما لو اشترى شيئاً بعينه وجب تعجيل تسليمه، فإن شرط أن يعجل تسليمه في الحال كان تأكيداً لما تضمنه العقد، وجاز، ولا يجوز أن يشترط فيه التأجيل، وهو أن يقول: استأجرتك لتحج عني في السنة الثانية، كما لا يجوز شرط تأخير التسليم في بيع العين، ولا يجوز هذا العقد إلا في وقت يمكن تعجيل العمل، أو يحتاج [١٨٦ / ب] فيه إلى التسبب ليحصل العمل، فإن كان