للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بمكة، فلا يجوز قبل أشهر الحج، لأنه لا يمكن فيه تحصيل العمل إذ الإحرام بالحج قبل أشهره لا يجوز، ولا يحتاج فيه إلى التسبب، وهو السير، وإن كان في غير مكة من البلاد، فإن كان يحتاج فيه إلى تقديم السير على أشهر الحج مثل بلاد خراسان، فإنه يجوز تقديم العقد على أشهر الحج حسب الحاجة، ولو استأجره ليحج عنه ماشياً، وكان المشاة يخرجون قبلها يجوز للحاجة.

وأما عقده في أشهر الحج، فيجوز في كل موضح لإمكان تسليم العمل عقيبه، وهو الإحرام، وفي هذا العقا إذا لم يحج من سنته بطل العقد، وليس في موضع تأخير تسليم المعقود عليه يبطل العقا إلا في العقا على المنافع، لأنها يتلف بمضي الزمان.

وقال القفال: لا كون من شرطه الخروج عقيب العقد بل له أن ينتظر أيام خروج الحاج، أو يشتغل بتحصيل عدة السفر والاشتغال بأسبابه اشتغال به.

ولو أحرم عنه، ثم أفسده فقد وقع الحج عن الأجير، وعليه قضاؤه وفسد عقد الإجارة وعليه رد الأجرة على المستأجر، وإن كانت الإجارة في الذمة وهي أن يقول: استأجرتك على حجة في ذمتك، أو لتحصل لي حجة أو توافيني حجة أو تسقط عني حجة الإسلام، فإن هذه الإجارة لا تتعلق بفعله، فإذ شاء حج بنفسه وإن شاء حج عنه غيره كما لو أسلم إليه في طعام في ذمته إن شاء أعطاه من طعام نفسه، وان شاء أعطاه من طعام غيره، ويشترط فيه قبض الأجرة في المجلس لأنه سلم، وقيل: إذا أطلق فيه قولان: أحدهما: يبطل.

والثاني: يصح ويكون كالمتعين بالحلول، والشرط في انعقاده أن يكون بقي من الزمان مقدار ما يقطع فيه المسافة [١٨٧ / أ] من غير مشقة، وإن شرط فيه التأجيل ثبت وصح العقد، وهو أن يقول: تحصل في السنة الثانية، أو الثالثة، كما يقول: إن العلم الحال يجوز، والسلم إلى أجل يجوز، وهذا بمنزلة السلم، فعلى هذا إذا كان مطلقاً، كانت له مطالبته في السنة الأولى كما يقول في السلم المطلق أنه يقتضي تعجيل التسليم في الحال، وله مطالبته في السنة الأولى به، فإن أخر عن السنة الأولى لم تبطل الإجارة، ولكن قال أبو إسحاق: إن كان المستأجر حياً أو كان ميتاً، ولم يكن أوصى به أن يحج عنه، وإنما تبرع الوارث بأن دفع إليه مالاً يحج عن الميت، فإن للمستأجر الوارث فخ العقد واسترجاع الأجرة، لأن لهما غرضاً في ذلك، وهو أن ينتفعا بذلك المال ويتصرفا فيه إلى السنة الأخرى، وهذا كما قال الشافعي: إذا أسلم في الرطب، فانقطع الرطب في ذلك البلد كان بالخيار إن شاء أخره إلى القابل، وإن شاء فسخ واسترجع رأس المال، وفيه قول آخر: ينفسخ كما قلنا في المسلم فيه إذا انقطع في قول، وان كان الحج عن الميت بوصية منه لم يجز له فسخه واسترجاع الأجرة منه، لأن الأجرة لا يجوز للوصي أو الوارث التصرف فيها والانتفاع بها، بل يجب صرفها في هذه الجهة، فلم يكن لفخ العقد واسترجاع الأجرة فائدة، ولا غيره، وقيل: يفعل ما فيه النظر للميت فإن رأى أن غيره من الأجراء أصلح له يفسخ ويستأجر غيره، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>