وفي الثانية: قطع الأجرة بنفسه، ولم يكلها إلى الاجتهاد، فكان ما زاد على أجرة المثل وصية، وهذا كما لو أوصى أن يباع عبده الفلاني من فلان، ويتصدق بثمنه يباع منه بأكثر ما يوجد له ثمناً، ولو أوصى بأن يباع منه بقدر بيع منه، فإن نقص ثمن المثل احتسب من ثلاثة، وإذا لم يحج عنه بأقل ما يوجد أو أجرة المثل على ما بيناه أحج عنه غيره بأقل ما يوجد أحد يحج عنه به، لأنه صار موكولا إلى اجتهاد الوصي، وبطل ما أوصى به الميت من تعيين من يحج عنه.
ولو قال: أحجوا عني فلاناً بمائة دينار فعين من يحج عنه، ومدار الأجرة، فلا يختلف المذهب أنه يعطي أجرة مثله، فإن كان ما سفاه أجرة مثله لا يزيد عليها أعطي ذلك من رأس المال سواء كان وارثاً أو أجنبياً، لأنه معاوضة بعوض المثل، وان كانت أجرة مثله خمسين ديناراً كان ما زاد عليها وصية، فإن كان وارثاً كان إلى إجازة باقي الورثة، فإن أجازوه جاز وان ردوه بطل، وإن كان أجنبياً نظر، فإن كانت الزيادة تخرج من الثلث. جاز وان لم تخرج من الثلث كان ما زاد على ثلاثة إلى إجازة الورثة، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل، فإذا أراد الموصى له أن يحج بالكل عند الإجازة أو بالبعض عند الرد أحج عنه وان امتنع أحج غيره بأقل ما يوجد أحد يحج عنه.
فرع
لو قال: أعطوني ما أوصى له به، وهو ما زاد على أجرة مثلي لم يدفع إليه، لأنه إنما أعطاه إذا حج عنه، فأما إذا لم يحج عنه، فلا يستحق شيئاً، وهذا كما لو قال: بيعوا عبدي من فلان بمائة وتصدقوا بثمنه، [١٩٦ / ب] والعبد يسوي مائتين، فامتنع من شرائه بيع العبد من غيره بالمائتين، ويتصدق بثمنه، ولا يجوز أن يقول: أعطوني المائة التي كانت وصية لي، لأنه إنما جعلها له إذا اشترى العبد.
فرع آخر
لو قال: أحجوا عني من يرضاه فلان، فرضي فلان إنساناً كان كما لو عينه الموصي، فإن كان في حج واجب، كان كالمعين في حج واجب، وان كان في حج تطوع كان كالمعين في حج التطوع.
فرع آخر
لو أوصى بحج التطوع، وقلنا: يصخ في أحد القولين ويكون جميع الأجرة معتبرة من الثلث سواء أمر بأن يحج عنه مطلقاً، فاستؤجر بأقل ما يوجد من يحج به عنه، أو عين الأجرة والحاج، أو عين الحاج ولم يعين الأجرة، ولو قال: أحجوا عني فلانا بمائة، فإن رضي فلان أن يحج بها عنه أحج عنه، وان امتنع من الحج، وكان حج التطوع، فهل تبطل الوصية؟ وجهان:
أحدهما: تبطل، ولا يحج عنه، لأنه قصد الإرفاق بهذا الموصى له، فإذا ردها بطلت كما لو أوصى بثلث ماله لرجل فرد الوصية رجع المال إلى الورثة.