والثاني: لا تبطل ويحج بأقل ما يوجد كما بيناه، لأنه قصد به القربة لنفسه ومنفعة من عينه، فإذا أراد الموصى له حملت القربة بغيره كما لو قال: بيعوا هذا العبد من فلان بمائة درهم، وهو يساوي مائتي درهم، وتصدقوا به، فإن امتنع الفلان من شرائه بيع العبد من غيره بما يسوي وتصدق بثمنه، وهذا أصح.
فرع آخر
لو قال: أول من يحج عني، فله مائة دينار فحج عنه غير وارث، فله أقل ما يوجد به من يحج عنه، وما زاد مردود، لأنه وصية لوارث نص عليه في "الأم".
قال أصحابنا: إن حج عنه أجنبي أولاً، والزيادة على أجرة المثل [١٩٧ / أ] إلى تمام المائة يزيد على الثلث تتوقف هذه الزيادة على إجازة الورثة.
والثاني، أن له أجرة المثل فقط لا أقل ما يوجد به من يحج عنه. وأراد الشافعي هذا ثم اعترض المزني، فقال: يجب أجر المثل لمن حج، ولا زيادة على ذلك، وان خرجت من الثلث، لأن من شرط الإجارة أن يكون الأجير معيناً، وإذا لم يعين كانت الإجارة فاسدة ويصير المسمى فاسداً، فتجب أجرة المثل.
وقال أبو إسحاق: هذا غلط من المزني، لأن هذه ليست بإجارة بل هي جعالة، ويجوز في الجعالة مثل هذا على ما ذكرنا من قبل. وعند المزني الجعالة على الحج لا تجوز، وهذا غلط، أن كل عمل تجوز الإجارة عليه تجوز الجعالة عليه.
فرع آخر
لو استأجره ليحج عنه ماشياً فحج راكباً، فإن قلنا: الحج راكباً أفضل، فقد زاد، وإن قلنا: الحج ماشياً أفضل فقد أساء وعليه دم، وهل يلزمه أن يرد التفاوت بين أجرة الراكب والماشي؟ وجهان.
فرع آخر
لو قال: أحجوا عني من شاء زيد، فعين زيد شخصاً، فامتنع، ثم أراد زيد أن يعين شخصاً أخر فيه وجهان:
أحدهما: له ذلك، لأنه لم يحصل المقصود بتعينه.
والثاني: ليس له ذلك، لأنه فوض إليه التعيين، وقد عين، والتعدد حصل من جهة أخرى، فليس له أن يعين أخر، بل الولي يستأجر من يريد.
فرع آخر
لو قال: أحجوا محني فلاناً، فمات أحج غيره، لأن القصد من ذلك إيقاع العبادة كما لو قال: أعتقوا عني رقبة، فاشتريت رقبة، فماتت يشتري أخرى، ويعتق. فإن قيل: أليس لو أوصى بعتق عبد بعينه، فمات سقطت الوصية؟ قلنا: العتق حقاً للموصى