قال أبو حامد في "الجامع": والذي للمحرم حمل للبازي وكل صائد فإن حمله فأرسله على طير فقتله يلزمه الجزاء وإن أرسله فلم يقتله، فلا جزاء، وإن انفلت من غير إرساله فقتله لا جزاء فرط أو لم يفرط.
فرع آخر
قد ذكرنا أن المحرم ممنوع من الاصطياد، فإذا اصطاد صيدًا لم يملك لأنه حصل في يده بسبب محرم وعليه إرساله، لأنه تعدى بأخذه ولو تلف في يده يلزمه ضمانه، لأن يده يد تعدي كيد الغصب، ولو أرسله حتى لحق الوحش زال عنه الضمان كما لو ردّ [٢٢٤/ أ] المغصوب إلى المغصوب منه، ولو أحرم وفي ملكه صيٍد، فيه قولان، نص عليهما في "الإملاء":
أحدهما: لا يزول ملكه. وبه قال مالك وأحمد وأبو حنيفة، لأنه ملكه فلا يزول بإحرامه كاستمتاع زوجته أو لأن الحج عبادة فلا تزيل ملك الصيد كالصوم.
والثاني: يزول ملكه، وهو الأظهر، لأنه معنى لا يراد للاستدامة والبقاء منع الإحرام أم من ابتدائه فمنع من استدامته كاللباس، ويفارق النكاح، لأنه يراد للبقاء والدوام، وكذلك الطيب.
فرع آخر
إذا قلنا بالأول: يلزمه إرساله حتى يلحق بالوحي، فإن مكه إرساله، فلم يرسله فمه حتى إذ مات حتف أنفه أو أتلفه متلف لزمه ضمانه، وإن أرسله أخر من يده لم يلزمه الضمان، وعند أبي حنيفة، أنه يلزمه الضمان. وهذا مبني على أمله، أنه لم يزل ملكه عنه، وإن أتلفه من كان في ملكه ضمه سواء أمكنه إرساله أو لا.
فرع آخر
إذا حل من إحرامه المنصوص في "الإملاء": أنه لا يعود ملكه ويلزمه إرساله حتى يلحق بالوحش، وهو اختيار ابن أبي هريرة وجماعة، لأنه كان متعديًا بإمساكه فلا يزول التعدي إلا بإرساله وعلى هذا لو لم يخله وقتله أو مات، يلزمه الجزاء، ولأنه لا خلاف أنه إذا اصطاد في الإحرام، ثم حل من إحرامه يلزمه تخليته حتى يصير ممتنعا بنفسه، كذلك ههنا.
وقال أبو إسحاق: عاد ملكه بإحلاله ولا يلزمه إرساله كالعصير إذا صار خمرًا، ثم إذا عادت خلّا عاد ملكه، وهذا لأنه زال ملكه بسبب إحرامه، وقد زال إحرامه، فوجب عود ملكه.
فرع آخر
إذا قلنا بالقول الآخر: يجوز التصرف فيه بالبيع والهبة ولا تزال يداه عنه لا يد الحكم ولا يد المشاهدة إلا أنه [٢٢٤ /ب] لا يجوز له ذبحه، فإن ذبحه يلزمه الجزاء،