قال [٢٣٢/ ب]: والمحصر إن كان يرجو زوال العدو وكان الوقت واسعًا، لا يخاف فوات الحج، فالمستحب له أن لا يتحلل ويؤخر التحلل حتى يأتي بها على الكمال، وإن كان الوقت قد ضاق وخاف فوات الحج وإن لم ينكشف العدو، فالمستحب له أن يتحلل لئلا يفوته الحج، فإن لم يتحلل حتى فاته الحج نظر، فإن كان الحصر باقيًا تحلل منه، وعليه هدي للفوات وهدي الإحصار، وعليه القضاء، وإن كان قد زال الحصر، فلا يجوز أن يتحلل إلا بعمل العمرة وعليه القضاء وهدي الفوات فقط.
فرع آخر
يجوز للمحرمين ترك قتال العدو، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقاتلهم وإن أرادوا قتالهم، فإن كان الحط للمسلمين في قتالهم، فهو الأفضل، وإن كان الحط للمسلمين في ترك قتالهم، فالترك أفضل.
فرع آخر
لو كان العدو من المسلمين، فالمستحب ترك قتالهم سواء كانوا أكثر منهم أو أقل، لأن التحلل من النسك أخف من قتال المسلمين.
فرع آخر
إذا أفسد حجة ثم أحصر تحلل من فاسدة وعليه شاة للتحلل وبدنه الإفساد والقضاء من سنته إذا تحلل قبل الوقوف، وليس في الشريعة موضع يمكن المفسد قضاء الحج من سنته إلا في هذه المسألة، وهكذا إذا فاته الحج، ثم أحصر تحلل، وعليه هديان والقضاء.
فرع آخر
قال وإذا أحصرهم العدو ثم أعطوهم الأمان وأذنوا لهم في الميسر، فإن كانوا يأمنون غدرهم لم يجز لهم أن يتحللوا، وإن لم يأمنوا غدرهم لقلة وفائهم، وسوء معاملاتهم جاز لهم التحلل.
فرع آخر
إذا أراد التحلل فعليه هدي يتحلل به بقيمة مقام [٢٣٣/ أ] ما بقي من أفعال الحج، فإن كان واجدًا له، تعين عليه إخراجه، ولا يملك التحلل حتى يذبحه قولًا واحدًا، وهذا لقوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦] ومعناه، فإن أحصرتم وأردتم التحلل فما استيسر من الهدي. وقال أيضاً {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]، ولأن هذا الهدي قائم مقام الأفعال، لأنه وجب عليه لتعذر آدائها ولو قدر عليها لم يتحلل إلا بها، فكذلك عند تعذّرها لا يتحلل إلا بأداء ما يقوم مقامها.