والثاني: له أن يتحلل ثم يذبح، لأنه جوز له ترك المضي في الحج، فجوز هذا أيضًا، وهذا ضعيف.
فَزعٌ أخرُ
إذا ذبح الهدي فهل يملك التحلّل بعده؟ قولان بنا، على الحلق، فإن قلنا: إنه نسك لم يملك أن يحلّ حتى يحلّق، وإن قلنا: ليس بنسك ملك أن يحلّ قبل الحلق.
فَزعٌ أخرُ
متى ملك أن يحلّ قبل أن يحلّق أو بعده لا يصير حلالاً حتى ينوي الخروج من النسك وما لم ينو هذا كان إحرامه باقياً، وإن نوى ذلك يصير حلالاً يحلّ له جميع ما كان محظوراً عليه لحرمة الإحرام، فإذا قلنا: الحلق نسك يحتاج إلى ثلاثة أشياء ذبح الهدي، ونية التحلّل والحلق، وإذا قلنا: ليس بنسك يحتاج إلى شيئين، فإن قيل: أليس لو رمى وحلق في غير حالة الإحصار يصير خارجاً من الإحرام، وإن لم ينو الخروج من الإحرام؟، وههنا قلتم: يلزمه نية الخروج بالذبح والحلق، فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن غير المحصر أكمل للأفعال فلا يحتاج إلى نية الخروج بخلاف المحصر، وأيضًا الذبح والحلق قد يكون للتحلل وقد يكون لغيره، فلم يختص بالتحلّل إلا بالقصد، [٢٣٣/ب] والإرادة بخلاف الرمي والأفعال، فإنها لا تراد إلا للنسك، فلم يحتج إلى النية فيه.
فَزعٌ أخرُ
إذا كان مصدوداً عن جملة الحرم، وأراد الذبح جاز له أن يذبح في الحلّ. قال الشافعي - رضي الله عنه -: نحر هدياً لإحصاره حيث أحصر في حلّ أو حرم، وقصد به الرد على أبي حنيفة حيث قال: لا يجوز للمحصر الذبح إلا في الحرم فيبعث هدياً على يدي رجل إلى الحرم ولو أعده يوماً يذبح عنه، فيه الهدي، فإن كان عند هذا المحصر أن ذلك الرجل قد ذبح الهدي في الحرم يحلّ له حينئذِ التحلّل من إحرامه، ولو ارتكب شيئاً من المحظورات على اعتقاد أنه ذبح الهدي عنه في الحرم، ثم بان أنه لم يكن ذبح يلزمه الجزاء، وهذا غلط، لأن الهدي تابع للمهدي، فإذا كان يتحلل المهدي في الحرم كان محل هديه الحرم، وإذا كان تحلله في الحل كان محل هديه الحل.
فَزعٌ أخرُ
يجوز ذبح هذا الهدي في غير يوم النحر. وبه قال أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بجوز إلا في يوم النحر، وهذا غلط، لأنه وقت تحلله، فكان وقت هديه.
فَزعٌ أخرُ
لو كان قادراً على إبلاغه الحرم، بأن كان في قربه لا يلزمه إبلاغه الحرم، والأولى له إبلاغه. ومن أصحابنا من قال: يلزمه إبلاغه لأنه يقدر عليه من غير مشقة، وهذا ضعيف.