أحدهما: أن العلة في إباحته قصده للفعل، فكان ما حدث من فعله المقصود مباحاً، كما لو قصد ذبح شاة فذبحها، وهو يحسبها غيرها، حل أكلها كما لو قبض على شي، يحسبه خشبة لينة فقطعها فبان أنه حلق شاة قد ذبحها حلّ أكلها.
والثاني: وهو تعليل أبي إسحاق المروزي أن العلة في إباحته مباشرته للفعل دون القصد؟ لأن ذكاة الصبي والمجنون مباحة، وإن لم يكن لهما قصد، فكان التعليل بالمباشرة أولى من التعليل بالقصد ولا يعتبر بنية الذكاة على التعليلين جميعاً، ألا تراه لا أشار بالسكين إلى حلق شاة ليعبث بها ولا يذبحها فانذبحت بها حلّ أكلها، وإن لم ينوه، وتأثير اختلاف الوجهين في هذا التعليل يتحقق فيمن رمي إلى الهواء، فسقط في علوه على صيد، فقتله، ففي إباحته وجهان:
أحدهما: غير مباح إذا علل بقصد الفعل.
والثاني: مباح إذا علل بمباشرة الفعل، وهكذا لو كانت بيده سكين فسقطت على حلق شاة أو طائر، فذبحته، لم يحل أكله على الوجه الأول لأنه عن فعل غير مقصود وحلّ أكله على الوجه الثاني؛ لأنه عن مباشرة فعله.
فصل:
فأما إذا أرسل كلبه على شخص يحسبه غير صيد فبان صيداً مأكولاً، تميز حينئذِ حال الشخص في إرسال الكلب، وإن لم يتميز في إرسال السهم، فإن كان الشخص حيواناً ظنه إنسان أسداً أو خنزيراً؛ فأرسل كلبه عليه، فبان صيداً مأكولاً حلّ؟ لأن الكلب يشلي على كل الحيوان فيستشلي، فاستوى في استرساله حال المأكول، وغير المأكول، وإن اختلفا في إباحة الأكل، وإن ظن المرسل أن الشخص شجرة أو حجر، فأرسل عليه كلبه، فبان صيداً، فقتله ففي إباحته وجهان:
أحدهما: مباح كما لو أرسل سهمه عليه.
والثاني: محظور لأمرين هما تعليل، وفرق:
أحدهما: أن إرساله على غير الحيوان عبث، فصار كالمسترسل بنفسه.
والثاني: أن تصرف الكلب باختياره ونفوذ السهم باختيار مرسله.
فأما إذا أرسل سهمه أو كلبه على غير شخص يراه، فصادف صيداً قتله، فقد ذكرنا أنه إن كان بإرسال كلب لم يؤكل، وإن كان بإرسال سهم، ففي إباحة أكله وجهان، وهو عكس مسألتنا في الشخص المرئي؛ لأنه في الشخص يؤكل ما أصابه سهمه، وفي أكل ما أصابه كلبه وجهان، وفي غير الشخص المرئي لا يؤكل ما أصابه كلبه، وفي أكل ما أصابه سهمه وجهان: