أحدهما: ما اختطفه السبع من الحيوان أكله حرام قاله ابن قتيبة.
والثاني: أنها النهبة لاختطافها بسرعة ومنه سمي الخطاف لسرعته قاله ابن جرير.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال:"لا تتخذوا ذا الروح غرضاً"وهو رمي الحيوان حتى يموت، فإن كان من مقدور عليه حرم أكله، وان كان من ممتنع حلّ أكله إن كان بمحدد، وحرم إن كان بمثقل.
فصل:
فأما أكل الأجنة، وهو أن تذبح البهيمة، فيوجد في بطنها جنين، فإن كان حياً مقدوراً على ذكاته لم يحل أكله إلا بالذكاة، وان كان ميتاً أو حياً قصرت مدة حياته عن ذكاته، حلّ أكله بذكاة أمه، وهو إجماع الصحابة وقاله مالك والأوزاعي والثوري، وأبو يوسف ومحمد، وأحمد، وإسحاق، وتفرد أبو حنيفة. فحرم أكله احتجاجاً بقول الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣] وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحلت لنا ميتتان ودمان: الميتتان: الحوت والجراد، والدمان: الكبد والطحال"، وهذه ميتة ثالثة: يوجب الخبر أن تكون محرمة، ولأنه من جس ما يذكى، فوجب أن لا يحل إلا بالذكاة كالأم، ولأنه ذبح واحد، فلم يجز أن تكون ذكاة الاثنين كما لو خرج الجنين حياً، ولأن ما كان موته "ذكاة " في غير المقدور عليه كان موته ذكاة في المقدور عليه، وما لم يكن قوته ذكاة في المقدور عليه لم يكن ذكاة في غير المقدور عليه كالصيد والنعم فلما لم يكن موت المقدور عليه من الأجنة ذكاة لم يكن موت غير المقدور عليه ذكاة، ولأن العقر من حميع المذكي معتبر، وإنما يختلف في المقدور عليه وغيره باختلاف المحل، ولا يختلف باعتباره في بعضه وإسقاطه في بعضه وقد اعتبرتم العقر في المقدور عليه وأسقطتموه في غير المقدور عليه، وهذا مخالف للأصول.
ودليلنا قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ}[المائدة: ١]. قال ابن عباس، وابن عمر: بهيمة الأنعام هي أجنتها إذا وجدت ميتة في بطون أمهاتها يحلّ أكلها بذكاة الأمهات، وهذا من أول أحكام هذه السورة التي هي من أكثر الأحكام المشروعة والغالب من تأويلهم هذا أنهم لم يقولوه إلا نقلاً.
ومن السنة ما رواه عاصم بن ضمرة عن علي - عليه السلام - ورواه عكرمة عن ابن عباس ورواه نافع عن ابن عمر، ورواية أبي الزبير عن جابر، ورواية ابن سيرين عن أبي هريرة: ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ذكاة الجنين ذكاة أمه".