أحدهما: أنه افتعل من الضرورة.
والثاني: أنه من إصابة الضر وفي: {غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} ثلاث تأويلات:
أحدها: غير باغ على الإمام بعصيانه ولا عاد على الأمة بفساده، وهو معنى قول مجاهد.
والثاني: غير باغ في أكله فوق حاجته، ولا عاد بأكلها، وهو يجد غيرها، وهو قول قتادة.
والثالث: غير باغ في أكلها شهوة وتلذذا، ولا عاد باستيفاء الأكل إلى حد الشبع وهو قول السدي.
وفي قوله: {إِثْمَ عَلَيْهِ إنَّ} تأويلان:
أحدهما: فلا عقاب عليه في أكلها.
والثاني: فلا منع عليه في أكلها، والاستثناء إباحة أكلها عند الاضطرار من عموم تحريمها مع الاختيار على ما ذكره من شروط الإباحة.
وقال تعالى في سورة المائدة، وهي من محكمات السور التي لم يرده بعدها نسخ، واختلف هل نزل بعدها فرض فقال سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ} [المائدة: ١٣] وذكر في هذه الآية المحرمات مثل ما ذكر في تلك الآية، وزاد فقال: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} وهي التي تختنق بحبل الصائد، وغيره حتى تموت.
{وَالْمَوْقُوذَةُ} وهي التي تضرب بالخشب حتى تموت، وكانت المجوس تقذ ولا تذبح، ليكون دمه فيه، ويقولون: هو أطيب وأسمن.
{وَالْمُتَرَدِّيَةُ} كا وهي التي تسقط من رأس جبل أو في بئر حتى تموت.
{وَالنَّطِيحَةُ} وهي التي تنطحها أخرى، فتموت الناطحة والمنطوحة.
{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] ومأكولة السبع هي فريسته، التي أكل منها، أو لم يأكل، وإنما نص على هذا أكله، وان كان داخلاً في عموم الميتة لأمرين:
أحدهما: لأنها ماتت بأسباب حتى لا تقدروا وان أسباب موتها ذكاة.
والثاني: أنهم كانوا يستطيبون أكلها من قبل، فنص عليها في التحريم، ليزول الالتباس.
ومن قوله: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} قولان:
أحدهما: أنه راجع إلى مأكولة السبع وحدها، وهو قول أهل الظاهر.
والثاني: أنه راجع إلى جميع ما تقدم من المنخنقة، وما بعدها، وهو قول علي وابن عباس وجمهور الفقهاء. وفيها قولان:
أحدهما: أن يدركها ولها عين تطرف أو ذنب يتحرك، وهو قول أهل الظاهر.
والثاني: أن تكون فيها حركة قوية لا كحركة المذبوح، وهو قول الشافعي ومالك