وعليه يكون التفريع، فيقاس على الخف السبق بالفيلة؛ لأنها ذوات أخفاف كالإبل، وهي في ملاقاة العدو أنكأ من الإبل، وهل يقاس عليها السبق بالسفن والطيارات والشدات أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول ابن سريج يجوز السبق عليها؟؛ لأنها معدة لجهاد العدو في البحر وحمل ثقله، كالإبل في البر.
والثاني: لا يجوز السبق عليها؛ لأن سبقها بقوة ملاحها دون المقاتل فيها، فأما السبق بالزوارق الكبار والمراكب الثقال التي لم تجر العادة في لقاء العدو بمثلها فغير جائز على الوجهين معاً.
فصل:
فأما الحافر بالخيل والبغال والحمير نصاً في أحد القولين لا نقلاً من اسم الحافر عليها، وقياساً في القول الثاني؛ لأنها ذوات حوافر كالخيل وفي معناها واختلف أصحابنا هل يقاس عليها السبق بالأقدام؟ أم لا على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي حنيفة: تجوز السمابقة بالأقدام؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استبق هو وعائشة رضي الله عنها على أقدامها؛ ولأن السعي من قتال الرجالة كالخيل في قتال الفرسان.
والثاني: وهو الظاهر من مذهب الشافعي أن المسابقة بالأقدام لا تجوز؛ لأنه سبق على فعلها من غير آلة فأشبه الطفرة والوثبة؛ ولأن السبق على ما يستفاد بالتعليم ليكون باعثاً على معاطاته، والسعي لا يستفاد بالتعليم فعلى هذا إن قيل: إن المسابقة بالأقدام لا تجوز، فالمسابقة بالباحة أولى أن لا تجوز وإن قيل بجوازها على الأقدام، ففي جوازها بالسباحة وجهان:
أحدهما: تجوز كالأقدام، لأن أحدها على الأرض، والآخر في الماء.
والثاني: أنها لا تجوز بالسباحة، وان جازت بالأقدام؛ لأن الماء مؤثر في السباحة والأرض غير مؤثرة في السعي.
ومنها اختلاف أصحابنا في السبق بالصراع على وجهين:
أحدهما: وهو مذهب أبي حنيفة أنه جائز لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج إلى الأبطح، فرأى يزيد بن ركانة يرى أعنزاً له، فقال يزيد: يا محمد هل لك من أن تصارعني، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما تستبق لي" فقال: شاة فصارعه، فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يزيد: هل لك العود؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما تستبق لي؟ فقال: شاة فصارعه، فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يزيد: يا محمد اعرض علي الإسلام، فما أحد وضع جنبي على الأرض غيرك، فعرض عليه الإسلام فأسلم، ورد عليه غنمه" فدل على جواز السبق على الصراع.