للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في الحضر أعاد الصلاة وإن كان في السفر قال في ((الأم)): يعيد لأنه نادر، وقال في ((البويطي)): قد قيل لا يعيد، لأن عذر البرد يقع عاماً في السفر، فحصل قولان في السفر.

وقال أبو حنيفة: لا يعيد بحال سواء كان في الحضر أو في السفر، واحتج بما روى عمرو بن العاص قال: احتملت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت وصليت بأصحابي الصبح، فذكتر ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: ((يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب)) فقلت: إن سمعت الله تعالى يقول: {ولا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩] فضحك النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يقل لي شيئاً. فدل أنه لا يجب القضاء، لأنه لم يأمره به، وهذا غلط لما ذكرنا أنه نادر، ولا حجة في الخبر، لأنه يحتمل أنه [١٦٧ ب/ ١] أخر بيان القضاء إلى وقت الحاجة، فإنه ليس على الفور، ويحتمل أنه علم علمه بوجوب القضاء فلم يذكر ذلك.

مسألة: قال: ((ولا يتيمم من مرض في شتاء ولا صيف إلا من به فرح له غور)).

الفصل

وهذا كما قال: المرض هو العذر الثاني في إباحة التيمم لقوله تعالى: {وإن كُنتُم مَّرضي أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: ٤٣] إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: ٤٣] فأجاز التيمم للمرض. قال أصحابنا: الأمراض على ثلاثة أضرب، ضرب يخاف منه التلف إما على نفسه، أو على العضو الذي كانت العلة به، أو يخاف منه المرض المخوف كالجراحات والجدري، فيجوز له التيمم قولاً واحداً.

وحكي عن طاوس، وعطاء أنهما قالا: لا يجوز له التيمم بل عليه استعمال الماء، وهذا غلط روي عن جابر- رضي الله عنه- قال: كنا في سفر فأصاب رجلان منا حجر [في رأسه] فشجه فاحتلم، فسأل الناس هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: لا رخصة مع وجود الماء، فاغتسل فمات، وروي: فكن من البرد ومات، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: ((قتلوه قتلهم الله، هلا سألوا أو لم يعلموا، بإنما شفاء العي السؤال، كان يكفيه أن

يتيمم ويعصب رأسه بخرقة ويمسح عليها ويغسل باقي جسده)) والمرض الثاني [١٦٨ أ/ ١] أن لا يخاف التلف ولا الضرر منه باستعمال الماء

<<  <  ج: ص:  >  >>