فأما اللازم في العقد، فهو جملة عدد الرمي الذي تعاقدا عليه، كاشتراطهما رمي مائة سهم، فالمائة رشق ينطلق عليها اسم الرشق حقيقة.
وأما المستحب في العقد، فهو تفضيل عدد الرمي الذي يتناوبان فيه كاشتراطهما أن يتراميا خمساً خمساً، أو عشراً عشراً، فالعشر رشق، ينطلق عليها اسم الرشق، مجازاً؛ لأنها بعض الحقيقة، فصارا رشقين: رشق جملة ورشق تفضيل.
وعادة الرماة في رشق التفضيل مختلفة، فمنهم من يختار أن يكون خمساً خمساً ومنهم من يختار أن يكون عشراً عشراً، ومنهم من يختار أن يكون عشراً عشراً، ومنهم من يختار أن يكون اثني عشر اثني عشر تبركاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص يوم أحد: ارم فداك أبي وأمي، اثني عشرة مرة، فكان حسن الأثر في الرمي معتبراً بهذه الدعوة، وهو أول من رمى في الإسلام سهماً وأراق فيه دماً، وشعره فيه دليل عليه حيث يقول:
أَلَا هَلْ أَتَى رَسُولُ اللهِ أَنِّي حَميْتُ صَحَابَتِي بِصُدورِ نَبْلِي
فَمَا تَعْتَدُّ رَامٍ فِي عَدَوٍّ بِسَهْمٍ يَا رَسُولً اللهٍ قَبْلِي
وذلك أن دينك دين صدق وذي حق أتيت به وعدل.
فأما الندب، فمنهم من جعله اسماً لمال البق، والرمي، ومنهم من جعله اسماً لعدد الرمي كالرشق، واختلف من قال بهذا، هل ينطلق على عدد الجملة أو عدد التفضيل أو يختص بعدد التفضيل، فقال بعضهم: ينطلق على العددين كالرشق، وقال آخرون، يختص بعدد التفضيل دون الجملة.
واختلف من قال بهذا هل يختص برمي الجلاهق أو يعم النشاب والجلاهق، فقال بعضهم: الندب كالرشق يعم انطلاقهما على عدد الرمي في النشاب والجلاهق وهو البندق.
وقال آخرون: الرشق مختص بعدد الرمي في النشاب، والندب مختص بعدد الرمي في الجلاهق ومن الأسماء التي ذكرها الشافعي في هذه المسألة "الرقعة" وقد اختلف في روايتها فرواها المزني: الرقعة بالقاف وضم الراء، ورواها ابن سريج: "الرفعة" بالفاء وكسر الراء مأخوذ من الارتفاع، وزعم أنه المنصوص عليه في كتاب "الأم " ونسب المزني إلى الوهم، فعلى رواية أبي العباس بن سريج يكون هذا الاسم صفة للغرض في ارتفاعه من خفض إلى علو.
وعلى رواية المزني أنها الرقعة بالقاف اختلف في المراد بها ها هنا على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه اسم للغرض الذي في الهدف، فيكون مسمى باسمين بالرقعة وبالغرض.
والثاني: أنه اسم يختص بهما في وسط الغرض من عظم هو أضيق ما فيه من مواقع الإصابة الذي تقدم له سمة بالخاتم، فيسمى باسمين بالرقعة وبالخاتم.