وهذا كما قال: إذا كان جراحات وأصابته جناية ولم يتمكن من الغسل التام، أو كان محدثاً على بعض أعضائه طهارته جراحات لا يتمكن من غسلها، فالمنصوص أنه يغسل الصحيح ويتيمم عن الجريح على الوجه واليدين. وبه قال عامة أصحابنا.
وقال أبو إسحاق: يحتمل ن يخرج هذا [١٧٠ أ/١] على القولين اللذين ذكرهما الشافعي فيمن وجد من الماء ما يكفيه لبعض أعضائه، هل يلزمه استعماله؟ قولان لأنه لا يقوى الفرق بينهما. هكذا ذكره القاضي أبو حامد. وقال سائر أصحابنا: لم يذكر الشافعي في مسألتنا إلا قولاً واحداً، فلا يجوز إثبات قول آخر، والفرق أن ههنا هو واجد لما يرفع حدثه، وإذا عدم بعض الماء لا يجد ما يرفع حدثه، ولأن هناك العجز في الآلة لا في بدنه فتجعل القدرة على البعض كالا قدرة، وها هنا العجز، وهو في المحل دون الآلة، فيؤمر بالقدر الذي يمكن، كمقطوع اليد من لكوع بغسل الباقي، وهذا كالخير إذا لم يجد في كفارة اليمين بعض الطعام انتقل إلى الصوم وليس عليه إلا طعام، وإن كان بعضه رقيقاً، وبعضه حراً وهو مالك لجميع ما يلزمه من الطعام، لم يجز له الانتقال إلى الصوم فكذلك ها هنا. وقال أبو حنيفة: إن كان أكثر البدن صحيحاً يلزمه غسل الصحيح ولا يلزمه التيمم،
وإن كان أكثره جريحاً يتيمم ولا يغسل منه شيئاً ولا يجمع بين الغسل والتيمم بحالٍ.
فإذا تقرر هذا ترتيب عليه في التيمم وغسل ما قدر عليه، فإن شاء قدم التيمم وإن شاء آخرة، فإذا ٍ [١٧٠ ب/١] وجد من الماء ما لا يكفيه وقلنا: يلزمه استعماله، فإن يلزمه تقديم استعماله ليصير عادماً للماء ثم يتيمم، والفرق ن ذلك التيمم لعدم الماء فمما لم يعدم الماء لا يجوز له التيمم، وهذا التيمم للعجز والعجز موجود قبل غسل الصحيح، فجاز قبل غسله. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان أحدها: يلزم الترتيب فيهما. والثاني: ما ذكرنا من الفرق وهذا ليس بشيء.
فإذا تقرر هذا، فإن كان جنباً فهو بالخيار في تقديم ما شاء منهما لأنه لا ترتيب في الغسل من الجنابة، وإن كان محدثاً نظر إلى موضوع الجرح، فإن كان في غير أعضاء الوضوء يعرضه الوضوء، ولا حاجة معه إلى التراب، وإن كان في أعضاء الوضوء وجب الترتيب، كما لو قدر على غسل الكل لا ينتقل إلى عضو قبل إسقاط فرض ما قبله فعليه استعمال الماء في الصحيح والتراب في القريح، فإن كان في الوجه مثلاً قدم