للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسحه بالتراب مع اليد، ثم غسل ما بعده بالماء، وإنما بدأ الشافعي بالتيمم ها هنا ليزيل بعد الغسل التراب عن وجهه، وإن كان في اليدين قدم غسل الوجه، ثم إذا فرغ تيمم على الوجه واليدين لليدين، ثم يغسل ما قدر من اليدين، لأنه لا يجوز المسح على الرأس قبل إسقاط فرض اليدين، ولو كان الجرح على رأسه ورجليه ولا يمكن [١٧١ أ/١] مسح جزء من رأسه يغسل وجهه ويديه، ثم يتيمم في وجهه ويديه للرأس والرجلين، ولا يجوز أن يقدم التيمم لمراعاة الترتيب، وبهذا قال جمهور أصحابنا، وهو المذهب، ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان: أحدهما: هذا والثاني: له أن يؤخر التيمم إن شاء، وأن يقدم إن شاء، وأن يأتي به في حلال المغسول إن شاء، لأنه فرض بنفسه ينفرد عن الوضوء، وإنما يراعى الترتيب في عبادة واحدة، فأما في عبادتين فلا يراعى كما لو فاتته صلاتان يرتب كل واحدة منهما ولا يرتب إحداهما على الأخرى. وهذا هو اختيار أبي على الستجي- رحمة الله - ولم يساعده سائر أصحابنا على هذا، وقال جدي- رحمه الله-: يغسل وجهه ويممه ولا يلزمه كمال التيمم، وكذلك في اليد، وعلل بأن كل عضو منفرد بنفسه واختار هذا، وعندي أنه لا وجه لهذا الاختيار.

فإذا تقرر هذا، فلو أمكنه أن يغسل رأسه ولا يصيب القرح الذي في وجهه، بأن يستلقى أو يقنع رأسه فإنه يلزمه غسله، لأنه يقدر على غسله من غير ضرر يلحقه، وإن قدر على غسل ما حوالي القرحة فإنه يلزمه غسلها، وإن خاف إذا صب الماء عليه أن يتفش إلى القرح. قال في "الأم": أمسه الماء إمساساً [١٧١ ب/١] لا يفيض وأجزاء. فأقام المسح مقام الغسل، وحكم بجوازه للعذر، قال أصحابنا: حكم بجوازه مع التيمم، لأن التيمم

ينوب عن جميع الغسل إذا تعذر، فالآن ينوب عن صفة الغسل وهي إفاضة الماء أولى إذا عجز عنها وقدر على المسح، وإن كان القروح في ظهره ولا يضبطه. قال في "الأم": إن كان من يضبطه برؤيته أمره بغسل الصحيح، وكذلك إن كان عمى ولا يضبط هذا في شاء من بدنه يلزمه أن بغسل الصحيح من بدنه، فإن لم يكن هناك أحد يصليان بالتيمم بعد غسل ما قدر عليه، والتيمم على الوجه واليدين، ثم يعيدان عند القدرة كما قلنا في الأقطع، وكذلك المريض إذا لم يقدر على من يوضئه وهناك ماء، ولو كانت له أفواه مفتحة على موضوع التيمم أمر التراب على ما انفتح منها لأنه لا ضرر عليها من التراب. وقد صار ظاهراً.

فرع

لو توضأ وتيمم للجرح ثم برأ الجرح حقيقة يغسل ما برأ، ثم يعيد غسل ما بعده على الترتيب، لأن جواز ذلك كان للعذر، وقد ارتفع العذر. وقال بعض أصحابنا: هل يلزمه الاستئناف أو يكفي غسل ذلك الموضوع؟ قولان بناء على ما لو نزع الخف هل يعيد الوضوء أو يكفيه غسل الرجلين؟ قولان، وهذا لا يصح لأن هناك لا يؤدي إلى ترك [١٧٢ أ/١] الترتيب. بخلاف ها هنا فلا معنى فيه للقولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>