قال الشافعي:"وإذا اقتسموا ثلاثة وثلاثة فلا يجوز أن يقترعوا وليقتسموا قسماً معروفاً".
قال في الحاوي: النضال ضربان: أفراد وأحزاب، وقد مضى نضال الأفراد، فأما نضال الأحزاب، فهو أن يناضل حزبان يدخل في كل واحد منهما جماعة، يتقدم عليهم أحدهم، فيعقد النضال على جميعهم، فهذا يصح على شروطه، وهو منصوص الشافعي رحمه الله وعليه جماعة أصحابه رحمهم الله وجمهورهم.
وحكي عن أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يصح، لأن كل واحد منهما يأخذ بفعل غيره، وهذا فاسد، لأنهم إذا اشتركوا صار فعل جميعهم واحداً فاشتركوا في موجبه لاشتراكهم في فعله مع ورود السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه برواية أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقوم يرمون، فقال:"ارموا وأنا مع بني الأذرع "، فأمسك القوم قسيهم، وقالوا: يا رسول الله من كنت معه غلب، فقال:"ارموا، فأنا معكم كلكم"، فدل على أنهم كانوا حزبين مشتركين، ولأن مقصود النضال التحريض على الاستعداد للحرب، وهو في الأحزاب أشد تحريضاً وأكثر اجتهاداً، فإذا ثبت جوازه في الحزبين، كجوازه بين الاثنين، فلصحته خمسة شروط:
أحدهما: أن يتساوى عدد الحزبين، ولا يفصل أحدهما على الآخر، فيكونوا ثلاثة وثلاثة أو خمسة وخمسة أو أقل أو أكثر، فإن فضل أحدهما على الآخر يرجل بطل العقد، لأن مقصوده معرفة أحذق الحزبين، فإذا تفاضلوا تغالبوا بكثرة العدد لا بحذق الرمي.
والشرط الثاني: أن يكون العقد عليهم بإذنهم، فإن لم يأذنوا فيه لم يصح، لأنه عقد معاوضة متردد بين الإجارة والجعالة، وكل واحد منهما لا يصح إلا بإذن واختيار فإن عقد عليهم من لم يستأذنهم بطل.
والشرط الثالث: أن يعينوا على متولي العقد منهم، فيكون فيه متقدماً عليهم، ونائباً عنهم، فإن لم يعينوا على واحد منهم لم يصح العقد عليهم لأنه توكيل، فلم يصح إلا بالتعيين ويختار أن يكون زعيم كل حزب أحذقهم وأطوعهم، لأن صفة الزعيم في العرف أن يكون متقدماً في الصناعة مطاعاً في الجماعة، فإن تقدموه في الرمي وأطاعوه في
الإتباع جاز، وإن تقدمهم في الرمي، ولم يطيعوه في الإتباع لم يجز، فإن غير المطاع لا تنفذ أوامره.
والشرط الرابع: أن يكون زعيم لكل واحد من الحزبين غير زعيم الحزب الآخر لتصح نيابته عنهم في العقد عليهم مع الحزب الآخر، فإن كان زعيم الحزبين واحداً لم