قال في الحاوي: يريد بالمبدئ الذي قد استحق أن يتبدئ بالرمي، إما بالشرط أو بقرعة، فإذا كان الرمي بين هدفين، وهو المسنون والأولى بالمعهود أن يرمي المتناضلان من أحد الهدفين إلى الآخر، رشقاً بحسب ما استقر بينهما، من خمس خمس أو عشر عشر، ثم يمضيا إلى الهدف فيجمعا سهامها ويرميا منه إلى الهدف الثاني رشقاً ثالثاً كذلك أبداً حتى يستكملا رمي جميع أرشاقهما، وإذا كان كذلك، فللمبتدى، بالرمي أن يبتدئ من أي الهدفين شاء، ويقف منه أي موقف شاء؛ لأنه لما استحق الابتداء بالرمي استحق الخيار في موقف الرمي، فيقف حيث شاء من الهدف عن يمينه أو يساره أو وسطه، فإذا صار إلى الهدف الثاني صار الخيار في الموقف إلى الرامي الثاني، فيقف فيه حيث شاء من يمين أو يسار أو وسط، كما كان الخيار في الهدف الأول إلى الرامي الأول؛ لأن المساواة بينهما مستحقة، فلما كان الخيار في الهدف الأول للأول وجب أن يكون في الهدف الثاني للثاني، فإذا أعاد إلى الهدف الثاني الأول عاد الخيار للأول، فإذا عاد إلى الهدف الثاني صار الخيار للثاني، ولا يجمع لواحد منهما الخيار في الهدفين، لما ينفرد به من التفضيل على صاحبه، فإن شرطاه قال الشافعي في "الأم": بطل العقد بالتفضيل المشروط فيه، فإن شرطا أن يكون لأحدهما الخيار في الهدفين على أن يكون لصاحبه الخيار بعده في الهدفين جاز؛ لأنهما قد تساويا فيه.
فصل:
وإذا كان النضال بين ثلاثة، وقف المبتدئ بالرمي في الهدف الذي شاء ووقف منه حيث شاء، ثم نظر في الثاني والثالث، فإن استقر المبتدى، منهما بالرمي بشرط أو قرعة، وإلا أقرع بينهما ووقف الرامي الثاني من الهدف حيث شاء، فإذا عاد إلى الهدف الأول وقف الرامي الثالث منه حيث شاء ليتساوى الثلاثة في اختيار الموقف في هدف بعد هدف لرمي رشق سواء كان حكم الثالث والثاني كحكم الثاني مع الأول. فإذا ترتبوا على هذا الاختيار في ثلاثة أرشاق صاروا في الرشق الرابع إلى حكم الرشق الأول في عود الخيار إلى الأول، والله أعلم بالصواب.
فصل:
وإذا قال أحد المتناضلين: نستقبل الشمس في رمينا.
وقال الآخر: نستدبرها فالقول قول من دعا إلى استدبارها: لأن شعاع الشمر إذا استقبل الرمي، اختل عليه رميه، فإن شرطا في العقد استقبالها حملا عليه بالشرط، كما أن مطلق العقد يقتضي الرمي بالنهار، فإن شرطا فيه الرمي ليلاً حملا عليه، إما في ضوء القمر أو مشاعل النار.